رغبة في مد جسور الحوار بين الثقافات والأديان، وبناء حوار يستمد قوته وديمومته من التباحث في قضايا وتحديات مشتركة، وقبل أيام قليلة من الزيارة المرتقبة للبابا فرانسيس للمغرب، نظمت جمعيات من المجتمع المدني ندوة فكرية يوم 25 مارس، بمقر جماعة سلا، والتي حملت شعار “المغرب بلد الاستقرار والتعايش بين الديانات والثقافات”. وأكد دانييل نوريسات، القس العام لأبرشية الرباط، على التعايش المشترك ببلادنا، وعلى أهمية إشراك المجتمع المدني في الأحداث الكبرى، وأعرب عن سعادته باستدعائه لهذه الندوة الفكرية، مذكرا ببرنامج زيارة البابا فرنسيس للمغرب نهاية الشهر الجاري، الذي سيشمل العديد من المحطات من بينها معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، ومقر مؤسسة كاريتاس لأبرشية الرباط، حيث سيلتقي، على الخصوص، بعدد من المهاجرين. وسيقوم البابا بزيارة لمركز الخدمات الاجتماعية في تمارة، الذي تديره راهبات المحبة، ليجتمع بعد ذلك في كاتدرائية القديس بطرس بالكهنة والمكرسين والمكرسات وممثلي المسيحيين من الطوائف الدينية الأخرى. كما سيترأس البابا في القاعة المغطاة في المجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله، قداسا دينيا بحضور الآلاف من المسيحيين ومعظمهم من المهاجرين المقيمين بمختلف ربوع المملكة، وإلقاء خطاب حول الحوار بين الأديان.
وفي هذا الصدد أكد احساين أوجور، كاتب ومؤلف، أن “هذه الندوة تؤكد أن المغرب وطن التعايش والانفتاح على الآخر، وهو بلد انصهرت فيه ثقافات عديدة وديانات متعددة، وتعايشت بسلم وأمان، مصرا بذلك على إثبات الهوية المغربية المتشبعة بالتعايش المشترك بين الديانات، كما أسس لذلك دستور 2011، الذي أولى أهمية كبرى لهذا التعايش حتى يظل هذا البلد، محط اللقاءات وتلاقح الحضارات والتعايش السليم والمشترك في ظل صيانة الحقوق والواجبات الوطنية”. ومن جانبه أوضح محمد الباز، رئيس جمعية الشباب النشيط، أن التعايش المشترك يعني العيش في المكان الواحد وفي الوطن الواحد والمحيط والبيئة الواحدة، بالتوازي مع احترام الآخر ومعتقده، وأكد على أن “هذه القيم ليست جديدة على بلدنا فعبر التاريخ كان المغرب ولا يزال تتعايش فيه جميع الأديان ويحترم مختلف المعتقدات”.
المجتمع المدني بسلا يواكب زيارة البابا فرانسيس بندوة تبرز قيم التعايش بالمغرب
وقال الباحث والأكاديمي محمد التهامي الحراق، إن التعايش المشترك الذي يسود بالمغرب هو نتيجة تداخل عاملين، الأول هو أن المغرب وريث حضاري للحضارة الأندلسية التي جسدت في بعض محطاتها نموذج التعايش بين الديانات، والثاني هو محافظته على التدين المعتدل الوسطي المنفتح، زيادة على أن طبيعته الجغرافية تجعل قريبا منفتحا على الكثير من الثقافات. كما أن طبيعة التكوين داخل هذه الثقافة المغربية التي تمثل عصارة مراحل تاريخية ومكونات مختلفة (عربية، أندلسية، أمازيغية، حسانية، عبرية) وكل هذه العناصر تظافرت وأعطت هذه القدرة على التعامل المتعدد مع مكونات مختلفة. وأضاف أن زيارة البابا هي إشارة لرمزية أن هناك مشتركا دينيا، وهذا الاشتراك في أمهات العقائد والعبادات والأخلاق، كالتوحيد باختلاف صوره، وفي أن لكل ديانة صلاة وحجا وصياما.. مع اختلاف مضمون الشرائع، أما أمهات الأخلاق فتمثل مشتركا إنسانيا يجب الاشتغال عليه.
المجتمع المدني بسلا يواكب زيارة البابا فرانسيس بندوة تبرز قيم التعايش بالمغرب
وفي تصريح لأحمد البوشتاوي، رئيس المركز الجمعوي للتنمية، اعتبر “المبادرة جد ذكية من هذه الجمعيات، فهي جاءت مباشرة بعد الأحداث الإرهابية بنيوزلندا وقبل زيارة البابا فرانسيس إلى المغرب، وأضاف أنه “أن الكل متفق على أن المغرب بلد الاستقرار والتعايش والتسامح”. ويذكر أن الندوة نظمت بمبادرة من جمعية الشباب النشيط، وبشراكة مع المرصد الوطني للمواطنة والتنمية وتقوية قدرات المجتمع المدني وحضرها العديد من ممثلي جمعيات المجتمع المدني وأجانب مقيمين بالمغرب وفاعلين وباحثين في المجال.
المجتمع المدني بسلا يواكب زيارة البابا فرانسيس بندوة تبرز قيم التعايش بالمغرب