تتسم بعض المؤشرات الاقتصادية في المغرب ، بتوجهاتها الإيجابية، بالرغم من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية التي أثرت سلبا على العديد من الدول، وفي مقدمة هذه المؤشرات الدخل والادخار الوطني والاستثمار والاستهلاك، التي تزايدت معدلاتها بأرقام متفاوتة خلال سنة 2008 ، وهي مرشحة لتسجيل مستويات مهمة رغم تدهور الظرفية الاقتصادية العالمية ، وفي هذا الإطار يفيد التقرير السنوي لبنك المغرب أن الدخل الوطني الإجمالي المتاح ارتفع بنسبة 10,9 % ليبلغ 744,8 مليار درهم، كما أن الاستهلاك الوطني النهائي بلغ حوالي 532 مليار درهم، مسجلا ارتفاعا بنسبة 12,6 %، و سجل الادخار الوطني الإجمالي نموا بنسبة 6,8 %، ليصل إلى 213 مليار درهم ، وعرف الاستثمار تزايدا بنسبة 25 % حيث بلغ 250,2 مليار درهم، لينتقل بذلك معدل الاستثمار من 31,2 % إلى 33,1 % من سنة لأخرى،ونتيجة لذلك، ارتفعت احتياجات التمويل بشكل ملحوظ لتمثل 5,4 % من الناتج الداخلي الإجمالي. ويوضح التقرير أن الاستهلاك الوطني النهائي سجل نموا بنسبة 12,6 % سنة 2008 مقابل 7,6 % سنة من قبل وبواقع 8,5 % مقابل 3,9 % سنة 2007 بالقيمة الحقيقية، ليساهم في النمو الإجمالي بما قدره 6,4 نقطة مئوية بدل 3 نقط سنة من قبل، ويبرز التقرير أن هذه الحيوية ترجع بالأساس إلى قوة الاستهلاك النهائي للأسر الذي ارتفع بوتيرة 14,9 % بالأسعار الجارية بدل 8,4 % سنة 2007 وبنسبة %9,4 بدل 3,8 % بالأسعار الحقيقية بفعل تنامي المداخيل الفلاحية وتحسن التشغيل الإجمالي ورفع الأجور ، إضافة إلى استفادة الاستهلاك من التدابير الهادفة إلى التخفيف من انتقال ارتفاع الأسعارالعالمية للمواد الغذائية والطاقية إلى الأسعار الداخلية، حيث بلغت الميزانية المخصصة لمقاصة أسعار المواد المدعمة 31,5 مليار درهم، في ارتفاع بواقع 92,4 % من سنة لأخرى، أي ما يعادل 4,6 % من الناتج الداخلي الإجمالي، مشيرا إلى أن قوة استهلاك الأسر تأكدت أيضا من خلال نمو القروض للاستهلاك وواردات مواد الاستهلاك المصنعة التي شجعت على شراء السلع المستديمة. دون إغفال الاستهلاك النهائي للإدارات العمومية، الذي ارتفع بنسبة 5,4 %، مساهما بذلك بما يوازي 0,9نقطة مئوية في النمو الإجمالي، ارتباطا بنمو نفقات التسيير بواقع 8 % . وفي المجموع، ارتفع الاستهلاك الوطني النهائي ليعادل 71,4 % من الدخل الوطني الإجمالي المتاح مقابل %70,3 سنة من قبل. ويذكر تقرير بنك المغرب أن الاستثمار عرف نموا بنسبة 25 % ليصل إلى250,2 مليار درهم ، حيث ارتفع معدل الاستثمار الإجمالي إلى 36,3 % بدلا من 32,5 % سنة 2007 ، وتزايد التكوين الإجمالي للرأسمال الثابت بنسبة 18,3 %، مما رفع مساهمة الاستثمار في النمو الإجمالي إلى 4,5 نقطة مئوية مقابل مساهمتة بمقدار 2,6 نقطة في المتوسط خلال السنوات الخمس الأخيرة. وقد شهد الاستثمار نموا أكبر على مستوى قطاعي البناء والأشغال العمومية والصناعة اللذين بلغت مساهمتهما في التكوين الإجمالي للرأسمال الثابت 49 % و 43 % على التوالي، بفضل مواصلة مشاريع البنية التحتية الكبرى وأهمية الاستثمارات التي تقوم بها الشركات، كما يدل على ذلك تطور القروض للتجهيز التي ارتفعت بواقع 19 % وواردات مواد التجهيز المصنعة التي تزايدت بنسبة 27,2 % . ويشير التقرير إلى أن لجنة الاستثمارات وافقت، خلال سنة 2008 ، على 40 مشروعا تبلغ قيمتها الإجمالية 36,7 مليار درهم، منها 10,9 مليار تعود لفاعلين مغاربة. وستمكن هذه المشاريع من خلق 12,890 منصب شغل. ومن المنتظر أن يجلب قطاعا السياحة والصناعات الكيماوية استثمارات بقيمة 13,7 مليار و 6,2 مليار درهم على التوالي. ويوضح التقرير أن استثمارات المقاولات العمومية، بلغت 73 مليار درهم مقابل 49,5 مليار سنة 2007 ، وقد همت بالأساس قطاعات الطاقة والنقل والبناء والأشغال العمومية. وبفضل انتعاش النشاط الاقتصادي الوطني، ارتفع الدخل الوطني الإجمالي المتاح بنسبة 10,9 % ليبلغ حوالي 744,8 مليار درهم، وذلك بالرغم من تباطؤ نمو المداخيل والتحويلات الصافية من الخارج الذي تراجع من %16,9 سنة 2007 إلى 1,1 % . وفي ظل هذه الظروف، قدر الادخار الوطني الإجمالي بحوالي 212,9 مليار درهم، مسجلا ارتفاعا بواقع 6,8 % بدل 7,4 % سنة من قبل. وهكذا، بلغ معدل الادخار، المحتسب بالمقارنة مع الدخل الوطني الإجمالي المتاح، 28,8 % وهو مستوى أدنى بقليل مما سجل سنة 2007 .