يغيب عن الأشقاء وقت العراك والخلاف أن كل منهما هو الأكثر إحاطة بمشاعر أخيه أو أخته لما مر بهما من خبرات وتجارب مشتركة في السراء والضراء. وفي أوقات الجد والهزل، وأن كل منهما هو الأقرب لمعرفة تطور شخصية الآخر.. تلك هي الصورة التقليدية في أغلب الأسر. لكن المفارقة أنه رغم هذه المعرفة القوية بين الأشقاء إلا أن ذلك لا يمنع وقوع شجار أو نزاع أثناء فترة المراهقة والشباب، بل ربما تتخذ تلك الخلافات أشكالا أخرى بعد الانفصال عن بيت الأسرة حين يعتمد كل طرف على نفسه . وتتعدد الأسباب المؤدية إلى وقوع هذه الخلافات، منها اختلاف وجهات النظر، وسوء التفاهم، والملل، والتمييز من جانب الآباء، وهي أسباب تحتاج إلى التعامل معها بمرونة لإيجاد حل بدلا من التورط في مواجهات سيئة. - اختلاف وجهات النظر ليس شرطا أن يتوافق الأشقاء دائما في وجهات النظر، ولعل تلك النقطة هي التي تولد الخلافات حين يظن أحد الأشقاء انه من الواجب على شقيقه أو شقيقته أن تلتزم برأيه لمجرد إنهما ينتميان لأسرة واحدة، وهي النظرة التي تزداد في الأسر المحافظة حين يبدأ أحد الأبناء في اتخاذ أراء خاصة مغايرة لما اعتادت الأسرة على تداوله . ويمكن التغلب على هذه المشكلة بالاعتراف أولا باختلاف الشخصية المستقلة للأخ أو الأخت ورؤية كل منهما للحياة، وهو ما يرسخ للحوار بين الأشقاء في إطار الأسرة الواحدة، والمناقشة في إطار الثوابت المتعارف عليها. سوء التفاهم يختلف سوء التفاهم عن الاختلاف في وجهة النظر، فسوء التفاهم ناتج عن إدراك خاطئ لوجهة النظر الأخرى، وليس ناتج عن تعارض معها، وكثيرا ما يحدث سوء التفاهم بين الأشقاء في فترة المراهقة والشباب بسبب التنافس، ومحاولة إثبات الشخصية. ويُنصح عند تكرر هذه المواقف بين الأشقاء أن يكون البديل هو السعي إلى مناقشة هادئة وطرح الأسئلة على الطرف الآخر عن الغامض وما قد نعتبره مهينا، ثم توضيح المشاعر والانطباعات عن هذه الأمور، وهو ما سيترك أثره لدى الطرف الأخر سواء كان أخا أو أختا. التمييز بين الأبناء هذه الجزئية لا ترتبط بفترة عمرية محددة وقد تظهر في فترات الطفولة كما تظهر في فترات استقلال الأبناء، وهو ما يوجب على الشاب أن يتعامل معها بحكمة، وأن يؤمن أن ما يراه تمييزا قد ينتج عن إحساس أحد الأبوين (أو كلاهما) باختلاف ظروف كل ابن عن الآخر، وهو ما يحتاج إلى نقاش هادئ من الابن دون توجيه اتهامات.. خاصة حين يدرك الأبناء أن الأبوين في العادة لا يتعمدون إثارة الضغائن بين الإخوة، وإفساد روح الأسرة. الملل قد يدفع الملل والرتابة إلى محاولة من أحد الأشقاء لاختلاق أحداث جديدة حتى إن كان ذلك بالتحرش أو مضايقة إخوته، ولمواجهة هذا الموقف ينصح بأن يشغل الشاب فراغه في الأنشطة الاجتماعية والخيرية والرياضية والقراءة، والانخراط مع جماعة أقران نافعة خارج المنزل، وهو ما يقتل الإحساس بالملل وينقل أجواء النشاط داخل المنزل وينعكس على روح الأخوة