مر نحو شهر على قرار الرباط قطع علاقاتها مع طهران، على خلفية تورط ذراعها في المنطقة، حزب الله الشيعي اللبناني، في دعم جبهة البوليساريو الانفصالية. ورغم ذلك، مازال الخرجات الإعلامية الساخنة التي يقيم فيها المغرب الحجة على إيران مستمرة، ونفي الأخيرة مسترسلا. فقد عاد وزير الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، ليتهم ملالي طهران بالتدخل في الشؤون الداخلية لمجموعة من الدول. وأكد رئيس الدبلوماسية المغربية أن "قرار المغرب قطع علاقاته مع إيران كان قائماً على تقييماتنا الخاصة ومعلوماتنا وعلى اعتبارات مرتبطة بالأمن القومي، ولم يكن بأي شكل من الأشكال إثر ضغوطات خارجية"، مضيفاً في تصريح لشبكة "فوكس نيوز" الأمريكية، أنه "من غير المرجح أن تتوقف تدخلات إيران"، وأن "الإسلام المعتدل والوسطي الذي يدعو إليه المغرب، البلد الذي يعتمد استراتيجية متعددة الأبعاد في أفريقيا، يشكل أحد العناصر التي أزعجت النظام الإيراني». وبيّن بوريطة خلال استضافته في التلفزيون الأمريكي أن "نقطة التحول والعنصر الأهم الذي غيَّر طبيعة العلاقة بين جبهة البوليساريو وحزب الله، هو توقيف المغرب لقاسم محمد تاج الدين، أحد أكبر ممولي حزب الله الذين ينشطون في إفريقيا، في 12 مارس 2017 بمطار محمد الخامس الدولي بالدارالبيضاء». من جهته رد طهران لم يتأخر، فقد اتهم بهرام قاسمي، المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، مرة أخرى المغرب بأنه "مدفوع من قبل طرف ثالث لقطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران». ورفض قاسمي «اتهامات وزير الخارجية المغربي ضد إيران خلال مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» الأميركية، قائلا إن «بوريطة يعرف جيدا أن اتهاماته خاطئة ولا أساس لها من الصحة، وتستند إلى أوهام تقف من ورائها جهات معادية للوحدة الإسلامية تُعاكسُ مصالح الشعوب». مضيفا أن «تكرار تلك الادعاءات والإصرار عليها أمر غير مجد، ومحاولة عقيمة ستضر في نهاية المطاف بالدول الإسلامية ووحدتها». في هذا السياق، قال أستاذ تسوية النزاعات الدولية في جامعة جورج ميسن الأمريكية، محمد الشرقاوي، إن وراء هذه الملاسنات "أسبابا أمنية واستراتيجية، وأخرى تتعلق بدبلوماسية الأممالمتحدة وقرار مجلس الأمن 2414 بتمديد مهمة المينورسو مدة ستة أشهر فقط، بدلاً من عام كامل كما هو الحال منذ عام 1991". مضيفا "يبدو من ثنايا تصريحات وزير الخارجية المغربي عقب تسليمه (ملفا سرياً) إلى نظيره الإيراني في طهران، أن ثمة قناعة مترسخة، وربما أدلة مادية، على تعاون دبلوماسي إيراني في الجزائر مع جبهة البوليساريو لتسليم شحنات أسلحة إليها». وقال الشرقاوي إن "هناك خطا تصعيديا بين حزب الله والرباط منذ سنة 2017 عقب اعتقال السلطات في مطار الدارالبيضاء رجل الأعمال اللبناني، قاسم تاج الدين، الذي أصدرت السلطات الأمريكية مذكرة اعتقال في حقه بسبب اتهامه بتحويل أموال إلى حزب الله"، مضيفا أنه "عندما نفى حزب الله الرواية المغربية، لوّح بأن الرباط تصرفت بوازع ضغوط من الولاياتالمتحدة والسعودية وإسرائيل". مبرزا في تصريحات أن "ما يزيد في مستوى التصعيد هو الظرفية الزمنية للقطيعة بين الرباطوطهران، وتزامن قرار الرباط إغلاق السفارة الإيرانية مع تحلّل الرئيس ترامب من الاتفاق النووي متعدد الأطراف مع إيران، وانزعاج الرياض من تزايد النفوذ الإيراني في سوريا والعراق واليمين ولبنان، فضلاً عن الروابط التجارية الجيدة بين إيران وقطر منذ نشوب الأزمة الخليجية قبل عام».