كما كان متوقعا و سيرا على عادة الانفصاليين بادر مسؤول قيادي بجبهة الانفصاليين الى تقويض جهود المبعوث الأممي المسؤول عن ملف الصحراء المغربية و نسف ما تحقق من تقدم بخرجات إعلامية خرقاء تهدف من ورائها كل من الجزائر و البوليساريو الى احتواء مهمة الموفد الأممي و نسف آفاق التقدم التي عبر عنها بتلميحات متفائلة بعد الشوط الأول من زيارته الأخيرة الى المنطقة . و سارع الوزير الأول لجبهة الانفصاليين مباشرة بعد حلول كريستوفر روس بالرباط و بداية سلسلة مشاوراته مع المسؤولين المغاربة بغية التوصل الى تحديد تاريخ لمشاورات أولية بين أطراف النزاع ، الى إطلاق تصريحات نارية محملة بالتهديد مجددا بحمل السلاح و مقاطعة مسار التسوية الديبلوماسية مع كيل سيل من الاتهامات و التهديدات في اتجاه الأممالمتحدة و كل من الحكومة الفرنسية و الاسبانية محملا إياهما مسؤولية عدم تطبيق مخطط التسوية الذي اقترحه الديبلوماسي الأمريكي بيكر قبل سنوات على الرغم من أن الحقائق التاريخية تؤكد أن الجزائر و صنيعتها البوليساريو هم من وضعوا العراقيل و العقبات و الفخاخ أمام مسعى كل ممثلي الأمين العام الذين تناوبوا على تحمل مسؤولية هذا الملف الشائك الذي تأكد بالواضح و الملموس أن كلا من النظام الجزائري و أذنابه بتندوف بستغلونه كورقة ضغط و مقايضة لتحقيق أهداف داخلية و مخططات خارجية تتصل بأطماع جيوسياسية بالمنطقة . وعلى خلاف الجانب المغربي الذي يقدم لطاولة المفاوضات مقترحا واقعيا و قابلا لتشكيل أرضية صلبة لايجاد حل نهائي لصراع عمر أزيد من ثلاثين سنة تكتفي البوليساريو و الجزائر باجترار مواقف قديمة و متآكلة لا تقدم جديدا يذكر ،و في المقابل تسعى الى إطالة أمد النزاع الى ما لانهاية للاستفادة من وضع الستاتيكو السياسي الذي يمنح لهما هامش مناورة للاستفادة من مأساة المحتجزين بتندوف من جهة و ممارسة سياسية الضغط و الاستنزاف الاقتصادي للجانب المغربي الذي يقود منذ ثلاثة عقود مسلسلا جبارا لتنمية أقاليمه الصحراوية المسترجعة . و يبدو أن ورطة البوليساريو التي ما زال زعماؤها يرددون نفس الأسطوانة الملقنة من طرف ضباط الاستخبارات العسكرية تتجلى في عدم وضوح نهجهم السياسي و التكتيكي بمناسبة دنو مواعيد المفاوضات و لجوئهم في الغالب على هامش أي تحرك دولي لتطويق مكامن الخلاف في الملف الى ممارسة سياسة الهروب الى الأمام بهدف أساسي وحيد هو تلغيم مسارات التسوية المتوفرة و الممكنة و فتح جبهات صراع ديبلوماسية هامشية و جزئية و تضخيمها بالحملات الاعلامية الجوفاء بغية ضمان كل الشروط الممكنة لاجهاض أي مسعى للوصول الى حل سياسي تحت أنظار و برعاية الدول الوازنة بالمنتظم الدولي التي تفطنت لحقيقة النوايا " المسمومة " و الأهداف المتسترة للمراوغات " الصبيانية " المتكررة لحلف الجزائر /تندوف المبني على عقد زواج كاثوليكي استنفذ شروط إبرامه العبثية.