أصرت السلطات الإيرانية على العودة بالعلاقات المغربية والإيرانية إلى التصعيد بعد فترة مهادنة لم تعمر طويلا، وهذه المرة قررت السلطات الإيرانية إحياء الأزمة من الزاوية التي لا يمكن للمغاربة التساهل معها على الإطلاق، لأن المسألة تتعلق بالوحدة الترابية والسيادة الوطنية للمغاربة على كافة أراضيهم، ومن زاوية المساس بأمن واستقرار الشعب المغربي. والواضح أن هذه التصرفات الخطيرة التي علمت بها السلطات المغربية، وامتلكت ما يكفي من الأدلة والحجج في شأنها تندرج في عمق و هوية السياسة الخارجية الإيرانية التوسعية، التي تستند إلى التدخل في الشؤون الداخلية للدول بما فيها الدول الشقيقة، ولنا فيما يحدث في العديد من الأقطار ما يكفي من الحجج، حيث تسخر السلطات الإيرانية الإمكانيات المالية والعسكرية الضخمة والهائلة لإحداث الفتن والهزات والتمرد والعصيان في الكثير من دول العالم. إن التوضيحات الهامة التي حرصت وزارة الخارجية المغربية على الكشف عنها في صدد الأزمة الجديدة مع إيران اكتست أهمية بالغة، ذلك أن قرار قطع العلاقات الديبلوماسية مع إيران هو قرار سيادي، اتخذ بشكل مستقل عما يحدث في منطقة الخليج والشرق الأوسط، ولم يتخذ لضغوط أو إملاءات من أية جهة، ولا محاباة لجهة ما، لأن السلطات الإيرانية نفسها تشهد بأن المغرب قرر قبل حوالي سنتين إعادة تطبيع العلاقات مع طهران في الوقت التي كانت العديد من الدول خصوصا العربية والإسلامية في مواجهة عنيفة مع إيران بسبب التجاوزات الخطيرة لهذه الأخيرة والتي وصلت حد استهداف أراضي هذه الدول والتدخل في شؤونها الداخلية و التحريض ضدها وتمويل التمرد فيها، إلا أن الرباط قررت في إطار سيادي ومستقل استئناف العلاقات الديبلوماسية معها، وهي نفس الشروط والمواصفات التي طبعت قرار قطع هذه العلاقات هذه المرة. إن المعلومات الخطيرة جدا التي أثبتتها السلطات المغربية، والتي تؤكد تورط السلطات الإيرانية في تمويل انفصاليي البوليساريو وتدريب ميليشياتها عسكريا، عبر تكليف حزب الله في لبنان بهذه المهمة القذرة ، كل هذا يمثل عدوانا صارخا ضد الشعب المغربي، وخرقا سافرا للمواثيق الدولية والاتفاقيات الدولية التي تحتم على الدول احترام السلم والاستقرار والأمن في العالم وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. وفي مواجهة هذا التعدي الصارخ فإن الإعلان فورا عن قطع العلاقات الديبلوماسية مع حكام طهران يبقى الحد الأدنى فيما يجب أن يكون من ردود الفعل، مما يؤكد أن السلطات المغربية رغم توفرها على الأدلة الكافية التي تدين سلطات طهران باجتراح أفعال وتحركات وتواطؤات تلحق إساءة بالغة بالمغرب، شعبا وأرضا، فإنها اكتفت بالقرار العادي الذي يتجنب التصعيد، وهي رسالة موجهة إلى حكام طهران للكف عن تسخير مليشياتها في جنوبلبنان لإلحاق الأذى بالمغرب والمغاربة. إننا في حزب الاستقلال نسجل الأسى والتذمر مما اقترفته سلطات بلد إسلامي شقيق في الطرف الآخر من العالم ضد بلادنا، وندين هذا السلوك العدواني، ولذلك نعتبر قرار السلطات المغربية قرارا باسم الشعب المغربي، لأن الأمر يتعلق بوحدة الوطن وبالسيادة الوطنية وبالأمن والاستقرار في بلدنا الآمن بفضل الله وبقيادة رشيدة من ملك همام وبتعبئة وطنية من شعب أبي. العلم