ركزت اهتمامات الصحف العربية، الصادرة اليوم الاثنين، على ردود الفعل العربية والإسلامية المنددة بالاعتداء الذي تعرضت له سفارة وقنصلية السعودية بإيران، على خلفية أحكام الإعدام التي نفذتها المملكة في حق 47 "إرهابيا"، إلى جانب مواضيع أخرى محلية وإقليمية. ففي مصر، علقت صحيفة(الأهرام) على الهجوم "الحاد" الذي تعرضت له السعودية لتنفيذها أحكام القصاص في 47 إرهابيا ومعارضا، وكتبت أن الموقف يبدو مثيرا للدهشة بالنظر إلى ضرورة "عدم التدخل في الشؤون الداخلية" للدول الأخرى، وكذا "التعليق على أحكام القضاء". وأشارت الصحيفة في افتتاحيتها بعنوان "معاضد الإرهاب" إلى أن ذلك كثيرا ما يتم تجاهله من قبل دوائر معينة في المجتمع الدولي، والتي كثيرا ما شجعت بالتحريض ودعم جمعيات ومنظمات وأشخاص على العنف والإرهاب في الدول العربية وتمزيقها عرقيا ومذهبيا، مؤكدة أنه في هذه اللحظة الدقيقة من تاريخ الأمة العربية فإن التهديد يتطلب "التضامن" و"التعاون بقوة" في مواجهة الإرهاب والمحرضين على انقسام المجتمعات العربية وتفجيرها من الداخل. وفي السياق ذاته، كتبت صحيفة(الجمهورية) أن السعودية في تنفيذها لأحكام الإعدام بتهمة إثارة الفتنة والإرهاب، إنما أرادت في رسالة "هامة وحازمة" للعالم أن تقول "أنها واثقة في أحكام قضائها وأنها لا تهتم بالانتقادات الدولية بقدر اهتمامها بالحفاظ على أمنها واستقرارها". واعتبرت في عمود لأحد كتابها أن المملكة التي أعدمت 47 "إرهابيا" دفعة واحدة كانت أيضا تقول إنها جادة في معركتها ضد الإرهاب، وأن من يتعرض ويواجه الإرهاب عليه أن يكون أكثر حسما وأكثر سرعة في اتخاذ القرار وقادرا أيضا على تحمله، مضيفة أن الرسالة الأهم هي "الموجهة إلى إيران التي تحاول أن تتدخل في شؤون دول المنطقة وأن تكون لها الوصاية والهيمنة". وعلاقة بموضوع الإرهاب، كتبت صحيفة (الجمهورية) أن تعدد المشروعات القومية يعكس "الطموح الكبير" للشعب وقيادته في عبور فترات من المعاناة والمعارك والمؤامرات التي يشنها الأعداء الذين فشلوا في إسقاط الوطن أو الدولة، مشيرة إلى أن هذه المؤامرات جاءت لتقوي من سياج الشعب كسد منيع ضد الإرهاب والتطرف. وأكدت الصحيفة في افتتاحيتها على أن المضي قدما في المعركة ضد الإرهاب والتطرف من جهة ودعم ورعاية مشروعات التنمية الكبرى "تترابط معا في هدف واحد ونقلة إيجابية مثمرة للحياة على أرض مصر". وفي قطر، استنكرت الصحف في افتتاحياتها الاعتداءات التي تعرضت لها السفارة السعودية في العاصمة الايرانية طهران وقنصليتها بمدينة مشهد من قبل متظاهرين إيرانيين، إذ أكدت صحيفة (الشرق) أن "هذه الهجمات تمثل انتهاكا واضحا وصارخا من قبل بعض المنفلتين في الشارع الإيراني (..)، وهي اعتداءات لا تقرها المواثيق الدولية وترفضها الأعراف الدولية، فضلا عن كونها بمثابة خرق فاضح لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية"، واصفة إياها أيضا بكونها سلوكيات "رعناء خرقاء لا تراعي حقوق الجوار والتزامات الأخوة الإسلامية". بدورها، اعتبرت صحيفة (الوطن) أن ما شهدته العاصمة الإيرانيةطهران، ومدينة مشهد، من عدوان لمتظاهرين إيرانيين على سفارة المملكة العربية السعودية وقنصليتها، "يعد جريمة، وفضلا عن همجية تلك الاعتداءات، فإنها تخالف الأعراف والقوانين الدولية، التي توجب على الدول حماية السفارات الأجنبية بها، وتمنحها حصانة، تحول دون الاعتداء عليها، وتكفل أمن البعثات الدبلوماسية فيها"، مضيفة أن الفشل في الحيلولة دون تنفيذ مثل هذه الاعتداءات "يمثل إخلالا جسيما بالتزامات أي دولة، بحماية البعثات الدبلوماسية بموجب اتفاقية فيينا لعام 1961 والقانون الدولي". في السياق ذاته، طالبت صحيفة (العرب) من إيران، كدولة مسؤولة، أن تحافظ على وفائها بالعهود والاتفاقيات التي وقعت عليها، خاصة أن السعودية "تمثل أنموذجا يحتذى في الالتزام بالاتفاقيات والمواثيق الدولية، وتوفر أقصى درجات الأمان لكل البعثات الدبلوماسية على أراضيها"، مؤكدة أن الدعم الذي تلقاه الرياض، عاصمة القرار العربي، من شقيقاتها دول مجلس التعاون، "هو أمر بديهي وطبيعي، في ظل الحرص على الوحدة الخليجية، والتأكيد على تكاتف ولحمة كل أبناء المجلس لصد الدعوات الطائفية بالمنطقة، والتي لن ينكوي بنارها سوى من يشعلها، ومن يتم استخدامهم من الخارج لخدمة أهداف توسعية غير متعقلة". أما صحيفة (الراية) فطالبت الحكومة الإيرانية "بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية والتي من حقها المشروع الحفاظ على أمن مواطنيها والسلم الأهلي ووحدة نسيجها الاجتماعي"، مؤكدة أنه على قادة إيران "أن يدركوا أن استقرار المنطقة وإقامة علاقات طبيعية مع الدول الخليجية، مرهون بمدى التزام طهران بسياسة حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الخليجية والعربية والعمل على حماية المصالح المشتركة". وبالإمارات، استنكرت صحيفة (الاتحاد)، في مقال لرئيس تحريرها محمد الحمادي، تدخل إيران في الشأن الداخلي للملكة العربية السعودية، بإعلانها رفض حكم القضاء السعودي في حق عدد من المواطنين السعوديين الذين يشكلون خطرا على أمن واستقرار البلد، ويهددون الأرواح البريئة بسبب منهج العنف الذي يؤمنون به، والقتل والإرهاب اللذين يمارسونهما. وأبرزت الصحيفة أن إيران قامت بالتحريض ضد المملكة وقيادتها و"هيجت الشارع الإيراني، حتى أنها سمحت للمشاغبين بالاعتداء على سفارة المملكة في طهران وقنصليتها في مشهد وحرقهما وتخريبهما، وهو أمر لا يجب أن يمر من دون موقف قوي تجاه طهران". واعتبر كاتب المقال أن مواقف الدول الخليجية وجامعة الدول العربية وعددا من الدول العربية كان واضحا في رفض واستهجان ما حدث، موضحا أن "هذا الموقف العربي لا يكفي، فالموقف والتطاول الإيراني ليس الأول، ويبدو أنه لن يكون الأخير، لذا فإن العرب مطالبون بموقف حازم مع العنجهية الإيرانية والإرهاب اللفظي والسياسي، الذي يمارسه النظام الإيراني مع دول الجوار منذ سنوات". ومن جهتها، كتبت صحيفة (الخليج)، في افتتاحيتها، أن "إيران دولة جارة يجب أن تجمعها مع دول الخليج العربي أفضل العلاقات، لكن الواقع يقول شيئا آخر مع الأسف، بسبب سياسات هوجاء لا تراعي حرمة أو سيادة أية دولة، من جراء نظرة استعلائية وطموحات تاريخية وشعور بالقوة يجري ترجمتها على الأرض من خلال محاولات التمدد والهيمنة والنفوذ في أكثر من بلد عربي، وفرض رؤية ومواقف بالتضاد مع مصالح الدول العربية". وشددت الصحيفة على أن رد الفعل الإيراني "المتهور والمتوتر" على إقدام المملكة العربية السعودية على إعدام مجموعة من الإرهابيين والخارجين على القانون، ومن بينهم رجل دين ينتمي إلى طائفة معينة "يكشف النوايا الخبيثة للنظام الإيراني، وسعيه الحثيث للتجييش المذهبي وتوسيع رقعة الفتن الطائفية في المنطقة واستغلال أي حادث لإثارة الفتن لعله يحقق مبتغاه". واعتبرت الافتتاحية أن رد الفعل الإيراني "تجاوز كل ما يتوقعه العقل والمنطق، فما صدر عن طهران كان أشبه بالجنون"، مؤكدة أن السماح بمهاجمة السفارة السعودية في العاصمة الإيرانية وإحراقها وكذلك قنصليتها في مشهد يشكل وفق القانون الدولي عدوانا سافرا على السعودية، عدا أنه يمثل انتهاك ا لقواعد العلاقات الدولية والدبلوماسية بين الدول. وبلبنان، علقت صحيفة(الجمهورية) على الوضع الإقليمي بالقول إن "عاصفة التصعيد السياسي بين السعودية وإيران" اشتدت بعد تنفيذ المملكة لحكم القضاء على النمر، مضيفة أن "هذا التصعيد بلغ ذروته بإعلان وزير الخارجية السعودية، عادل الجبير، قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، على خلفية الهجوم على سفارة بلاده في طهران. أما صحيفة (المستقبل)، فاهتمت بردود الفعل العربية والإسلامية، التي تدين الاعتداء على السفارة السعودية في طهران من قبل متظاهرين إيرانيين، من مجلس التعاون الخليجي الذي "حمل السلطات الإيرانية المسؤولية الكاملة عن هذه الأعمال الإرهابية"، إلى إعلان الإمارات استدعاء السفير الإيراني على أراضيها وتسليمه مذكرة احتجاج على التدخل في شؤون السعودية والاعتداء على سفارتها. كما أشارت الصحيفة إلى إدانة الأزهر لقيام بعض المتظاهرين بإحراق مبنى السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مدينة مشهد بإيران. من جهة أخرى، اهتمت صحيفة (النهار) بالمشهد الداخلي، وكتبت أن الجلسة الجديدة لانتخاب رئيس للدولة يوم الخميس المقبل "لن تختلف عن سابقاتها"، مبرزة أن الأمر يبدو "أكثر إحباطا بعد تراجع المبادرة الرئاسية ودخولها في ثلاجة الانتظار بفعل الاعتراض الداخلي والتوتر الإقليمي".