عن منشورات جمعية رباط الفتح للتنمية المستديمة صدر للأستاذ عبد العزيز بنعبد الله (عضو أكاديمية المملكة المغربية والمجامع العربية) كتاب في جزأين بعنوان «موسوعة الرباط» وأشرف على إعداد الكتاب، الأستاذان: ع بد الكريم بناني ومصصفى الجوهري وهو بحث مستفيض عن تاريخ مدينة الرباط، وكما جاء في مقدمة الكتاب فإن الكاتب حاول أن يسترعي الاهتمام ويذكي اليقظة في الحوليات الوطنية التي يتناولها المؤرخون والرحالون الأجانب فيكتبون عنها وينشرون مئات المصنفات تحتوي على الغث والسمين، وقد أحصى الكتبي الباريزي «كوتنير» أوائل الحرب العالمية الأولى ما ينيف على ألفي كتاب عن المغرب في مختلف اللغات وحاول عبد العزيز بنعبد الله أن يحلل منها في عرض أمام أكاديمية المملكة المغربية أزيد من مائة رحلة بالفرنسية والإنجليزية وواكب هذه الدراسة ببحوث تاريخية موجهة كتبها فرنسيون وإسبان بعد عام 1912 (وهو تاريخ الحماية الأجنبية على المغرب) فأصدرت الإرسالية الفرنسية مجموعة نصوص حول المدن والقبائل بالمغرب كان من بينها دراسة حول (مدينة الرباط ونواحيها)، ومن هنا يقول الكاتب بدأ اهتمامه بهذا المبحث بعد نهاية دراسته الجامعية عام 1946 حيث بدأ بتجميع كل النصوص لمقارنتها مع المراجع العربية والمغربية الموثوق بها ويحكي عن الرباط في الصفحة 220: «كان رباط الفتح أحد مراكز الحركة الوطنية منذ نشأتها بعد الظهير البربري عام 1930، حيث بدأت (المقاومة) تتقلص فتحول الصراع إلى جهاد سياسي ودبلوماسي فتأسست الحركة الوطنية وكان في طليعتها من أهل الرباط الحاج أحمد بلافريج ومحمد اليزيدي بالإضافة الى ثلة رائدة من رجالات فاس وباقي حواضر المغرب «ويضيف» في المغرب رباطات كرباط شاكر ورباط اليمس بأزمور ورباط تاساط ورباط الخير إحدى جماعات دائرة تاهلة (اقليمتازة) وكانت تعرف بأهرمومو وأطلق عمرو بن سليمان السياف اسم الرباط على روضة كان يضع فيها التابوت الحامل لجثمان الشيخ محمد بن سليمان الجزولي صاحب (دلائل الخيرات) (الاستقصاج 2 ص 161) ذلك أن من أبرز ما امتاز به الشعب المغربي من أعرق العصور إلى جانب روحه الاستقلالية قابليته الفطرية للتأثير بكل غريب وسرعة انفعاله وقد ينقلب بعد حين إذا لم يكن ذلك العمل الذي أثر فيه قوى المفعول في نفسه لذلك رأينا المغاربة يرتدون نحو اثنتي عشرة مرة على ما ذكر ابن خلدون عندما كان إيمانهم بالإسلام وامثلية مبادئه لا يزال سطحيا وكانت ذكرياتهم الوثنية لا تزال مسيطرة على تفكيرهم القصير ولاشك أن للصيغة البدائية التي كان يتسم بها المغرب إذ ذاك آثارا في هذه القابلية السهلة! ثم تغلغلت الروح الإسلامية في نفوس المغاربة وتجاذبتهم تيارات جديدة داخل الإطار الإسلامي لم يستطيعوا مغالبتها فانساق البعض مع هذا التيار والبعض الآخر مع ذلك ولكن المذبذبين انفعلوا للنحلة البرغواطية التي كانت صورة مشوهة للإسلام ممزوجة بالتقاليد المحلية، بدافع الاستعداد الروحي الكامن حتى استطاع مؤسسها صالح بن طريق أن يقيم دولة في تامسنا وأطرافها. الكتابان من الجحم الكبير، طبعا بمطبعة بني يزناسن بسلا في طبعته الأولى لسنة 2008 ولوحة الغلاف كانت للفنان محمد الإدريسي، ويحتوي الكتاب الأول على 282 صفحة والثاني على 482 صفحة.