تنذر مجموعة من الدراسات المختصة، من كون بلادنا أصبحت تحت رحمة التقلبات المناخية والاحتباس الحراري. هذا ما يُظهره تأخر سقوط الأمطار خلال السنوات المنصرمة، التي تبتدئ في العادة خلال شهر أكتوبر، وقد بدأت مخاوف بشأن تعثر انطلاقة الموسم الفلاحي تقض مضجع الفلاحين. وما يزيد من هذه المخاوف هو تزامنها مع النقص الحاد المسجل في الماء الشروب ومياه الري بالمناطق القروية والجبلية، التي كانت موضع احتجاجات ومسيرات خلال الأشهر الماضية، ما جعل الملك محمد السادس يدق ناقوس الخطر، حيث أعطى تعليماته لرئيس الحكومة لتشكيل لجنة وزارية تنكب على إيجاد الحلول العاجلة لهذه المعضلة. في هذا السياق، يرى متخصصون في المجال الفلاحي أن الوقت لازال مبكراً للحديث عن ملامح موسم سيئ، مشيرين إلى أن القلق ينتاب الفلاح المغربي عند متم شهر أكتوبر بدون أن تجود عليه السماء بأمطار الخير. معتبرين أن تأخر الأمطار إلى غاية منتصف الشهر الجاري أمر لا يبعث على القلق، وأن الموسم الزراعي يبدأ حتى شهر نونبر؛ بيد أن الآثار السلبية لقلة التساقطات في الفترة الحالية تكمن في اجتفاف الآبار بشكل كبير، ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة ملوحة المياه التي تصبح غير صالحة للشرب، بالإضافة إلى أن الأمطار المبكرة تساعد على توفير مناطق رعوية جيدة. ويوضح هؤلاء، أن جفاف الموسم في المغرب يتأكد إلى غاية شهر يناير، لأن فترة الزراعة يمكنها أن تستمر إلى حدود شهر دجنبر، وتابع: “يكفي أن تتساقط في البداية حوالي 15 ملم في المنطقة لخلق رواج وسط الفلاحين، ويمكن للناس حينها أن يدشنوا موسم حرثهم بدون تخوف”. بدورهم يفضل مهنيو الحبوب والقطاني، عدم سقوط الأمطار في الفترة الحالية وتأخيرها إلى غاية أوائل شهر نونبر، مبددين وجود أي تخوف جراء التساقطات الضعيفة أو المنعدمة التي تسجل على مستوى أحوال الطقس بالبلاد. ويرى هؤلاء أن أمطار شهر أكتوبر تساعد الفلاح على الاستعداد لموسم فلاحي جيد، كما أن الأرض الصلبة تروى ريا خفيفا في هذه الحالة قبل عملية الزراعة. وقد عرفت مناطق متعددة بالمغرب أخيرا تساقطات مطرية همت بالخصوص أقاليم الحوز، وأزيلال، وبني ملال، وخريبكة، وسطات، وتارودانت، وشيشاوة، ووارزازات وتنغير. وكان الملك محمد السادس أمر “حكومة بنكيران” السنة الفارطة ب”اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة تداعيات التأخر في سقوط الأمطار، والحد من تأثير ذلك على النشاط الفلاحي”. مصدرا توجيهاته بتقديم المساعدة للفلاحين المعنيين، خاصة في سياق الظروف السيئة التي اتسمت بها السنة الماضي.