لم يعد يفصلنا عن نهاية الحملة سوى يوم واحد.. فصباح يوم الجمعة ستفتح مكاتب التصويت أبوابها وسيتدفق عليها الناخبون للإدلاء بأصواتهم في انتخابات جماعية يعول عليها الجميع الشيء الكثير. وإذا كان الفاعلون السياسيون ومعهم نشطاء المجتمع المدني قد تعبأوا بما يكفي لحث الناخبين على التوجه بكثافة إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم الحاسمة في هذه الانتخابات والإضطلاع بدورهم وواجبهم الوطني، فإن هناك أوساطا عدمية تروج لظاهرة عزوف مرتفعة. ومثل هذه الأوساط، وهي معروفة على أي حال، لا تفعل أكثر من التنفيس عن كبتها المرضي والتعبير من جديد عن عدائها الدفين للأحزاب الوطنية متهمة إياها بأنها السبب في عزوف المواطنين عن المشاركة الفعلية في الشأن العام. والأمر ليس بجديد، فقد عودتنا هذه الأوساط على ذلك في كل مناسبة، وخاصة عند كل استحقاق انتخابي تخوضه بلادنا كما هو الشأن حاليا مما يترجم الرغبة الدفينة لهذه الأوساط في عرقلة تعميق الممارسة الديمقراطية.. وربما تعرف هي أكثر من غيرها أن كل تعميق لهذه الممارسة من شأنه أن يعصف بكل أحلامها ومصالحها الآنية. وبترويجها لظاهرة العزوف فإن هذه الأوساط تساهم بل وتحاول عمليا تهميش دور المواطنين في مراقبة عمل المنتخبين المحليين والحيلولة دون إشراكهم في الشأن المحلي.. بما يعني وضع العصا في العجلة وعرقلة جهود التنمية والتطور من خلال إفساح المجال للمتلاعبين والانتهازيين للاستمرار في الإساءة للعمل الجماعي وتسخير خيرات الجماعات ومؤهلاتهم لصالح نزواتهم الرخيصة. ومن دون شك فإن مثل هذه المحاولات لابد وأن تبوء بالفشل والسحر لابد وأن ينقلب على الساحر.. ويبدو ذلك من خلال العزم الأكيد للمواطنين على التوجه بكثافة إلى مكاتب الإقتراع والتصويت على من يرونه أهلا لتمثيلهم والصدح بقضاياهم وتطلعاتهم. ويتضح من خلال كل هذا ان القوى الديمقراطية الحقيقية ومن ضمنها حزب الاستقلال تخوض هذه الاستحقاقات على واجهتين.. واجهة إقناع المواطنين ببرامج طموحة ومعقولة تتلاءم وحاجيات الجماعات وسكانها وواجهة الحرص على تخليق الحياة السياسية وحث المواطن على المشاركة الفعلية في الشأن العام من خلال التشهير وقطع الطريق على المتلاعبين والانتهازيين ودعاة التيئيس. هي مهمة صعبة إذن لكنها ليست بعزيزة على حزب يتمتع برصيد نضالي طويل ويحظى بثقة واعتزاز المواطنين.