من يقول إن أهم حدث يشغل الشارع العربي الآن هو تفشي مرض "أنفلونزا الخنازير"، وما يعنيه هذا الداء من خراب للبشرية قاطبة، فهو شارد! ومن يدعي أن الأزمة الاقتصادية العالمية الخانقة التي نعيشها اليوم قد أثرت بشكل كلي على اهتماماتنا الحياتية اليومية، فهو "مغفل"! ومن يعتبر أن بادرة أوباما لإحلال السلام في الشرق الأوسط من أهم الأحداث الحينية في مجتمعاتنا العربية، فهو خارج السرب! فالحدث الأهم في بعض مجتمعاتنا العربية الآن وفي هذا التوقيت بالذات لا هو سياسي استراتيجي، ولا حياتي اجتماعي، ولا اقتصادي مصيري، إنما هو خبر فني، أو لنقل شبه فني تناقلته كل وسائل الإعلام العربية بكثير من الإسهاب والكرم في إيفاء المعلومة لكل الناس دون الحاجة إليها أصلا. حيث يقول الخبر الذي أقام الدنيا وشغل الناس في المدة الأخيرة: إن "الدلوعة" نانسي عجرم وضعت مؤخرا، بل تحديدا يوم السبت السادس عشر من ماي الجاري الذي وافق يوم مولدها، مولودتها البكر "ميلا" سليمة معافاة. الشيء الذي وصل بأحد المواقع الفنية لتقديم معلومات تفصيلية ودقيقة عن لحظات الولادة. فبات الجميع يعلم الآن أن نانسي وضعت مولودتها في الغرقة رقم 510 من الطابق الخامس بمستشفى الجمال، الواقع قرب مستديرة الحازمية، شرقي بيروت، وأن ولادتها كانت على يد طبيب الولادة اللبناني محمد دوغان- ولا ندري هل أن هذه الدعاية للمستشفى والطبيب بالمجان أو بمقابل؟. ويضيف الخبر أن وزن الوليدة "ميلا" بلغ عند الولادة ثلاثة كيلوغرامات ومئتي غرام، مفيدا في نفس الغرض أن إطلاق نانسي على مولدتها اسم "ميلا" جاء بناء على قرار سابق اتخذته مع زوجها طبيب الأسنان فادي هاشم، ليتوافق الاسم مع الأغنية التي أعدّتها نانسي مسبقا كإهداء منها لابنتها الوليدة والتي حملت من العناوين "يا ربي تكبر ميلا"، والتي قالت عنها نانسي في أيام الحمل الأولى على خلفية سؤال صحفي عن إمكانية أن تدفعها أمومتها لاعتزال الفن؟ فأكدت أن هذا الأمر شبه مستحيل. وأضافت أنها ستحاول إبعاد مولودها المنتظر- حينها- عن الأضواء حتى يعيش حياة طبيعية ولا يتأثر بنجوميتها، إلا أن فرحة الولادة على ما يبدو جعلت نانسي تنسى تصريحها السابق بعدم إقحام مولودها في دائرة الأضواء المسلطة عليها، فأطلقت أغنية باسمها، ربما، تمهيدا لإصدار "ديو" مع وليدتها حين تطفئ شمعتها الأولى! ومهما يكن من أمر ولادة نانسي فإننا نسأل الله لها ولمولودتها الصحة والعافية. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن على خلفية ما تتناقله بعض وسائل الإعلام من أخبار فنية ما أنزل الله بها من سلطان لتكون حديث الناس لأيام طوال كالذي وقع مع حفل زفاف هيفاء أو حمل دانا ثم ولادة نانسي.. هو: هل تحوّل الفن اليوم ومن خلال بعض الفرقعات الصحفية التافهة إلى أفيون للشعوب، بعدما كان بالأمس غذاء للروح ورسالة إنسانية؟.