سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
دور فعال ومتميز للمرصد الوطني لحقوق الطفل في النهوض بأوضاع الطفولة والارتقاء بها لمواجهة الألفية الثالثة الوزير الأول في الملتقى الوطني للطفل حول موضوع «السياسات الاجتماعية وحقوق الطفل»
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين - السيدات والسادة الوزراء - السيدات والسادة البرلمانيون - السيد مدير المرصد الوطني لحقوق الطفل - السيد ممثل اليونسيف في المغرب - السيدات والسادة ممثلو المجتمع المدني - حضرات السيدات والسادة يسعدني غاية السعادة، أن أحضر افتتاح أشغال الملتقى الوطني الأول الذي ينظم بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني لحقوق الطفل، تحت رئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة الجليلة للامريم، الرئيسة الفعلية للمرصد الوطني لحقوق الطفل، هذه المؤسسة التي نعتز بالدور الفعال والمتميز الذي تقوم به في النهوض بأوضاع الطفولة والارتقاء بها لمواجهة تحديات الألفية الثالثة، كما أننا جد فخورين بالإشعاع الدولي الذي أعطته لبلادنا صاحبة السمو الملكي من خلال الإشراف المباشر والعمل الدؤوب والحضور القوي، والمجهودات القيمة التي تبذلها في هذا المجال لصالح الطفولة، الأمر الذي جعل سموها تحظى باعتراف وتقدير المجتمع الدولي. كما أود بهذه المناسبة أن أهنئ المرصد الوطني لحقوق الطفل ووزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن على الاختيار الموفق لموضوع هذا الملتقى الوطني الأول والمتمثل في «السياسات الاجتماعية وحقوق الطفل». ويندرج شعار هذه التظاهرة في إطار اشتغالنا ضمن محددات قائمة على روح الوطنية والمواطنة والأداء الجماعي في البذل والعطاء والتضحية وكذلك في صلب التوجهات الحكومية المتعلقة بالتنمية، وانسجاما مع أهداف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي وضعت الطفل في عمق اهتماماتها من خلال تثمينها للعنصر البشري وتطلعها إلى النهوض بالفئات الاجتماعية الهشة والمعوزة مما جعلها بحق نموذجا أمثلا للحكامة في مجال التنمية. ذلك أنه من الملاحظ الآن على مستوى المنظومة الدولية أن بلوغ التنمية المستديمة وتحقيق النمو على المدى البعيد، يمر عبر اعتبار الطفل موضوعا أساسيا للقضايا التنموية، ومجالا واعدا للاستثمار المنتج، وشريكا حقيقيا في صنع القرارات ذات الوقع والتأثيرعلى مستقبل الأجيال القادمة. وفي هذا الإطار، لا يسعني إلا أن أعبر عن سعادتي بإعطاء الانطلاقة لهذا الملتقى الوطني من مدينة القنيطرة العتيدة، هذه المدينة الغنية بالدلالات والخصوصيات المرتبطة بذاكرة مكان يستمد أصالته وتقاليده من ثوابت مغربية، ساهم رجالها ونساؤها في بناء المغرب الحديث، على درب التقدم والنماء بثبات وعزم وتضحية. حضرات السيدات والسادة إن بناء الصرح الديمقراطي وترسيخ حقوق الإنسان تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، جعل الحكومة تروم مسارا جديدا لترسيخ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تستهدف أساسا الفئات التي تعاني بشكل حاد من الفقر والهشاشة والأمية وعلى رأسها الطفل. ومن هذا المنطلق، فإننا نعتبر حقوق الطفل مسؤولية جماعية ومشتركة تخص وتعني كل الفاعلين والمتدخلين من الشركاء. فمنذ أن صادق المغرب على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، بذلت بلادنا الكثير من الجهود لضمان حق الأطفال في صحة جيدة، وتعليم نافع، ورعاية اجتماعية، وحماية قانونية ناجعة، ومشاركة واسعة وجادة. لذلك، فتخليد هذا اليوم الوطني للطفل، يترجم مدى الاهتمام المستمر الذي يوليه المغرب لتنمية العنصر البشري بشكل عام، ولتنمية الطفل بشكل خاص، باعتباره المصدر الذي يؤسس بالفعل لتنافسية حقيقية لوطننا. ويشكل هذا الحدث الهام كذلك، فرصة من أجل إطلاق تفكير ونقاش جادين حول آثار مختلف الإصلاحات الهيكلية المعتمدة في مجال السياسات الاجتماعية التي تنهجها بلادنا على واقع حقوق الأطفال، كما سيمكننا أيضا من تحديد آفاق مستقبلية جديدة فيما يتعلق بالاستهداف الأحسن للفئات المعنية، وبالمقاربات وطرق العمل المعتمدة، وكذا تحديد حلول واقتراحات وأجوبة من شأنها ضمان حقوق الأطفال في شموليتها. حضرات السيدات والسادة لقد انخرطت بلادنا في مسلسل متواصل من الإصلاحات الجوهرية، تشريعية واجتماعية واقتصادية وسياسية، تعزز مشروع المجتمع الحداثي والديمقراطي الذي يرعاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، والذي تنخرط فيه جميع القوى الحية ببلدنا. وبالفعل، فقد عمل المغرب على فتح ورش وطني لملاءمة تشريعاته الوطنية مع المعايير الدولية وعبر عن انخراطه والتزامه بإعمال وتنفيذ أهداف الألفية للتنمية. كما اعتمدت بلادنا منذ سنة 2006 خطة العمل الوطنية للطفولة «مغرب جدير بأطفاله» للعشرية 2006 _ 2015. هذه الخطة التي تشكل إطارا مرجعيا للسياسات العمومية في مجال النهوض بحقوق الطفل، وتحدد مجموعة من التوجهات والأهداف والتدابير التي من شأنها ضمان حقوق الطفل في النمو السليم والتعليم الجيد، والحماية من سوء المعاملة والاستغلال والعنف. ولقد عملت وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، خلال السنة الماضية وفي نفس الفترة، باعتبارها القطاع الذي يسهر على تنسيق وتتبع تنفيذ هذه الخطة، على إعداد تقييم لخطة العمل الوطنية للطفولة وذلك بعد مرور سنتين على اعتمادها. وقد قدم هذا التقييم، خلال الدورة الثانية عشرة للمؤتمر الوطني لحقوق الطفل. حضرات السيدات والسادة تتعدد التحديات الملقاة على عاتق بلدنا في ظرفية تتميز بالعولمة والتطور التكنولوجي والإعلامي والتواصلي، مما يفرض علينا خلق مناخ ملائم من شأنه ضمان الحماية للأطفال والطفلات، يمنحهم على حد سواء القدرات التي تمكنهم من الاستفادة من الفرص المتاحة وتحقيق ذواتهم والقدرة على الإبداع والخلق وحماية أنفسهم من كل أنواع الهشاشة. لذلك فإن التصريح الحكومي الذي يترجم منظور صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، يجعل من التنمية البشرية في آن واحد غاية وعاملا للتنمية الاقتصادية. وقد تجسد هذا الاهتمام في وضع سياسة اجتماعية شاملة ومندمجة تبلورت في تخصيص53% من ميزانية الدولة للقطاعات الاجتماعية دون أن ننسى الجهود المبذولة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبرامج التدخل للقرب التي أطلقتها العديد من الجماعات المحلية، إضافة إلى المبادرات المواطنة للمجتمع المدني. كما يجب التذكير بالمشاريع والبرامج البنيوية التي اعتمدتها الحكومة بمقاربة تشاركية مع كافة المتدخلين من أجل تنمية وتطوير البنيات الاجتماعية للقرب، والتشجيع على إحداث وخلق المشاريع المدرة للدخل، ومحاربة السكن غير اللائق، والنهوض بالسكن الاجتماعي، وتطوير أشكال وطرق العمل المعتمدة لاستهداف الساكنة والفئات الضعيفة. وتعمل الحكومة كذلك على إصلاح نظام التغطية الصحية، والإسراع بوثيرة العمل للتقليص من وفيات الأمهات والأطفال، ومكافحة الأمراض الخطيرة والمعدية، وتعميم تلقيح الأطفال بالعالمين الحضري والقروي. وكذلك إطلاق البرنامج الإستعجالي للتربية الوطنية برسم سنوات 2009 _ 2012، الذي يشكل خارطة طريق من أجل إعطاء روح ودينامية جديدين لإصلاح منظومة التعليم والتكوين، حيث حدد هذا المخطط أولويتين بمناسبة الدخول المدرسي الحالي، تتمثلان في محاربة الهدر المدرسي والنهوض بالإدارة المكلفة بالتعليم. كما نسجل بارتياح، الأشواط الهامة التي قطعتها بلادنا في مجالات محاربة ظاهرة تشغيل الأطفال وتجريم تعذيبهم، واستغلالهم الجنسي وتعزيز وحدات حمايتهم ، وضمان حقهم في الحضانة والنفقة والنسب، طبقا للمقتضيات الجديدة لمدونة الأسرة والقانون الجنائي ومدونة الشغل، وكذا في تربيتهم على الديمقراطية والمواطنة وحقوق الإنسان عبر برلمان الطفل والمجالس الجماعية، وكلها مكتسبات ستتعزز بمشاريع أخرى تأخذ طريقها نحو الإنجاز، كإصلاح الميزانية، وتعزيز المقاربة التشاركية ومجالية البرامج. وإذ أثمن ما تم إنجازه في هذا الإطار مع ما نستشعره من مسؤوليات لتحسين واقع حقوق الطفل، تتطلب منا مزيدا من العمل والمثابرة، أود التأكيد على أن الحكومة ستظل حريصة على تحسين جودة التدخلات في مجال النهوض بطفولتنا وحمايتها، داعية كل الفعاليات المعنية لاستثمار العمل الجماعي والتشاركي من أجل طفولة سليمة تحقق مواطنتها الكاملة في إطار مغرب الغذ. حضرات السيدات والسادة أود في ختام كلمتي هذه، أن أجدد الشكر لكل من ساهم في تنظيم هذا الملتقى الوطني، الذي سيشكل قيمة مضافة إلى ما راكمته بلادنا من تجربة رائدة، ونموذج متميز يحتذى به دوليا في مجال الطفولة. وستمكن هذه التجربة الأجيال الصاعدة من استشراف المستقبل المليء بالإكراهات والرهانات والتحديات الوطنية والدولية، بكل ثقة وتفاؤل، وتفتح على مجتمع العلم والمعرفة، متشبعة بقيم التسامح والتعايش مع مختلف الحضارات الإنسانية، ومتشبثة بالهوية المغربية والتوابث الوطنية. أتمنى للقائكم كامل التوفيق والنجاح. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته