بدا مألوفا أن تحذر منظمة الصحة العالمية كل بضع سنوات من انتشار وباء خطير يهدد البشرية وينذر بقتل الآلاف، بل الملايين ويجعل العالم في حالة من الذعر والخوف المستمرين. لكن السؤال المهم الآن وفي ظل هذه الظروف القلقة والمتوترة هو: هل أن هذا الهلع العالمي له ما يبرره؟ ثم هل أن أنفلونزا الخنازير هي الموت القادم الذي يتهدد البشر وكان سببا في قتل العديد من المكسيكيين الذين تم الإعلان عنهم؟. سبب هذه الأسئلة الآراء العديدة التي ذهبت خلافا لما تروج له الآلة الإعلامية التي من مصلحتها أن يلتفت العالم بكل أهمية إلى الأخبار المتعلقة بمرض الأنفلونزا وينسى تداعيات الأزمة والحلول التي يجب القيام بها لمواجهتها من أجل رفاه البشرية والخروج من حالة الفقر والبطالة التي تعانيها الكثير من المجتمعات في العالم. فالأزمة الاقتصادية قد تجعل العديد من المتورطين والمأجورين للشركات الكبرى المضي في نفس الاتجاه لتمرير الخدعة الكبرى على فقراء العالم الذين يخافون من الموت قبل تحقق ولو النزر القليل من أحلامهم التي لا تحصى. من ذلك ما أشار إليه الصحفي الأمريكي فريدريك وليام من أن هناك مبررا للاعتقاد بأن أقساما من الصناعة الصيدلانية الدولية المحتكرة للأدوية تعمل مع جهات أمريكية سرية على تعديل المادة الوراثية لفيروس «H5N1» أنفلونزا الطيور لتصنيع فيروس هجين، الأمر الذي فسره العلماء بأنه أنفلونزا الخنازير. كلام هذا الصحفي الأمريكي له ما يبرره خاصة إذا كانت شركات الأدوية هي أكبر مستفيد من هذا الذعر الذي أصاب العالم. ففي ظل هذه الأزمة المالية الخانقة التي تهدد الكثير بالإفلاس يصبح كل شيء مباحا حتى خلق الفيروسات وتهجينها وبث الرعب والخوف من أجل تسويق الأدوية التي تحتكرها شركات عالمية معروفة هي ومالكوها احتكار الأدوية وبيعها بأعلى الأثمان وإرغام الدول على اقتنائها هو الأسلوب الأمثل للربح الوفير وتعويض ما خلفته الأزمة من خسائر. وهذه الرؤية للضجة التي أحدثها ويحدثها الخوف من انتشار المرض لها مسوغاتها، فالعالم أصبح يعيش تحت ظلال الخوف من الفيروسات القاتلة، من الجمرة الخبيثة إلى الحمى القلاعية ومن أنفلونزا الطيور إلى الخنازير. ولا ندري، بعد الهدوء الذي سيسود بعد تجاوز العالم للورطة الخنزيرية يمكن أن تطلع علينا منظمة الصحة العالمية بفيروس آخر يمكن أن تسميه «H3N2» وتطلق عليه مثلا أنفلونزا القطط أو الكلاب. ويبقى العالم مشغولا في محاربة مخاطر الفيروسات القادمة وينسى مشاكله الحقيقية، فهل أن الذين يعانون الفقر يهمهمم أن يموتوا جوعا أو يموتوا بفيروس الأنفلونزا؟ وهل الذين يقصفون بالصواريخ وبالأسلحة البيولوجية والتي تدك المنازل على رؤوسهم سيكون الفيروس القادم أكثر إيلاما منها؟ وهل أن هذا الفيروس القادم أكثر فزعا وخوفا وتدميرا للبشرية من ترسانة الأسلحة النووية والبيولوجية التي ترقد عليها العديد من الدول ويسعى البعض الآخر لامتلاكها؟ الحقيقة أن هناك دوائر متورطة في صناعة الخوف وتمريره للبشرية لتظل متحكمة في رقابهم وفي أموالهم وأرزاقهم، لكن فاتها أن هناك في هذا العالم الرحب من لا يكترث بهذه الدعايات لكثرة مشاكله وهمومه التي أفقدته الإحساس بالخوف أصلا. عن العرب أونلاين