لا أحد بامكانه ان ينكر ولو حتى للحظة واحدة مدى صعوبة مهمة الوالدة ومشقات الامومة وما يترافق معها من مسؤوليات وسهر الليالي، ما يجعلها وظيفة بدوام كامل، الا ان هذا الواقع لم يمنع بعض البطلات من توزيع وقتهن بين الواجب المنزلي والواجب الاولمبي فحضرن الى اولمبياد بكين 2008 من اجل البريق والتألق في اكبر حدث رياضي. نتحدث هنا عن بطلات من طراز العداءة البريطانية باولا رادكليف ونجمة كرة المضرب الاميركية ليندساي ديفنبورت وبطلة العالم سبع مرات في رياضة الجيدو اليابانية ريوكو تاني وبطلة المبارزة الايطالية فالنتينا فيتزالي التي لم تجعل من نجلها عائقاً يمنعها من التألق، بل رأت فيه دافعاً قوياً يجعلها تقدم افضل ما عندها في المحفل الاولمبي وهي نجحت في فعل ذلك وسطرت اسمها في تاريخ منافسات المبارزة في الالعاب الاولمبية وفي الفئتين عندما احرزت لقبها الثالث على التوالي في سلاح الشيش متفوقة في المباراة النهائية على الكورية الجنوبية نام هيون-هي 4-3 في مباراة مثيرة. وكانت فيتزالي (34 عاماً) توجت بطلة في سيدني 2000 واثينا 2004، وهي تعتبر الاكثر نيلاً للالقاب في التاريخ كون سجّلها يتضمن 32 ميدالية بينها خمسة ألقاب عالمية، وصعدت الى منصة التتويج الاولمبي ست مرات. ولم تكن فيتزالي وتشيان البطلتين الوحيدتين اللتين »علقا« واجباتهما المنزلية لفترة معينة من اجل خوض الحلم الاولمبي، اذ سبقتهما الى ذلك العداءة الاثيوبية ديرارتو تولو التي توجت بذهبية سباق 10 آلاف م خلال اولمبياد برشلونة 1992 ثم احرزت ذهبية السباق ذاته عام 2000 في سيدني بعد عامين على انجابها طفلة. وتعتبر الاسترالية جانا رولينسون التي تغيب عن بكين 2008 بسبب الاصابة، من الامهات البطلات ايضاً لأنها استعادت العام الماضي لقب بطولة العالم لسباق 400 م حواجز، وذلك بعد 8 اشهر فقط على انجابها. وبدورها خرقت الاميركية دارا توريس القواعد التي تفرضها طبيعة رياضة السباحة المتطلبة للقوة واللياقة والتحمل وسطرت مشاركتها الاولمبية الخامسة وهي في الحادية والاربعين من عمرها ولديها طفلة في الثانية اسمها تيسا. »انها بمثابة والدتي« هذا ما قاله نجم المنتخب الاميركي للسباحة مايكل فيلبس عن توريس التي تفضل ان يطلق عليها العمة والشقيقة الكبرى. وعلقت توريس على هذا الموضوع قائلة: »من الجيد ان اكون مشاركة الى جانب الاولاد (السباحين الاميركيين) في حال كانوا بحاجة الى اجوبة ما، على الارجح انهم يشعرون بالراحة عندما يتحدثون معي«. وتملك توريس في جعبتها 9 ميداليات اولمبية، اولها كانت عام 1984 في سباق التتابع، وهي سجلت عودة ناجحة خلال اولمبياد سيدني عام 2000 عندما حصدت 5 ميداليات بعد 7 اعوام على اعتزالها، ثم اضافت الاحد الماضي فضية سباق التتابع 4 مرات 100 م لتصبح اكبر سباحة على الاطلاق تنال ميدالية في الالعاب الاولمبية. وتشارك توريس في الالعاب الاولمبية للمرة الخامسة بعد لوس انجليس (84) وسيول (88) وبرشلونة (92) وسيدني (2000). اما اسطورة الجيدو اليابانية ريوكو تاني، البالغة من العمر 32 عاما، فأصبحت مصدر إلهام للنساء العاملات في بلادها داخل مجتمع رجولي، وذلك منذ ان سجلت عودتها الى المنافسات العام الماضي بعد توقفها لعامين لإنجابها ولداً في اواخر 2005. وأكدت تاني، الحائزة على ذهبيتين اولمبيتين في السابق، ان عائلتها كانت الدافع الذي جعلها تستمر وتقاتل من اجل مواصلة المشوار الذي توجته في بكين ببرونزية، مضيفة: »لم يكن بإمكاني ان اخوض تحد جديد من دون دعم عائلتي. وقفت على تاتامي (البساط) بالشعور الذي ينتاب اي والدة موجودة هنا«. بدورها، عادت رادكليف، بطلة العالم وحاملة الرقم القياسي العالمي لسباق الماراتون، الى افضل مستوى لها بعدما ارتاحت لعام واحد اثر انجابها طفلها الاول، وهي تريد في بكين ان تعوض ما فاتها في اثينا 2004 عندما لم تكمل سباق الماراتون بسبب تأثرها بالمضادات الحيوية التي تناولتها من اجل معالجة اصابة في ساقها، كما انها لم تكمل سباق 10 آلاف متر ايضاً للاسباب نفسها. وستكون هذه المشاركة الاولمبية الخامسة لرادكليف، بعد ان كانت حلت خامسةً في سباق 5 آلاف متر في اولمبياد اتلانتا 1996، ورابعة في سباق 10 آلاف م في سيدني 2000، ثم اخفقت في انهاء سباقي الماراتون و10 آلاف م في اثينا 2004. يذكر ان رادكليف تحمل الرقم القياسي لسباق الماراتون (2.15.25 س) سجلته خلال ماراتون لندن عام 2003. واذا كانت رادكليف والامهات الرياضيات الاخرى تمكن او سيتمكن من اختبار الحلم الاولمبي في بكين 2008 فإن دينفبورت، حاملة ذهبية اولمبياد اتلانتا عام 1996، انسحبت من منافسات الفردي بداعي الاصابة في ركبتها.