سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأستاذ محمد بن الماحي عضو المكتب التنفيذي للنقابة الجنائية الدولية بلاهاي متابعة الرئيس السوداني عمر حسن البشير مخالفة لميثاق روما وقرار المدعي العام يخالف القانون الدولي
سؤال: بصفتكم عضوا بالمكتب التنفيذي للنقابة الجنائية الدولية ومحاميا مقبولا للترافع أمام المحكمة الجنائية الدولية ما هو موقفكم من مذكرة إيقاف الرئيس السوداني عمر البشير ؟. > جواب: فوجئت كباقي الحقوقيين والفعاليات المهتمة بالقانون الدولي بإصدار مذكرة توقيف الرئيس السوداني عمر حسن البشير من طرف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الأستاذ «لويس مورينو أوكامبو»، على اعتبار أنها جاءت مخالفة لمضامين ميثاق روما لسنة 1998 المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية ، ولا سيما في فصله السابع عشر (17) الذي ينص على كون اختصاص المحكمة السالفة الذكر لا يسري إلا على الدول الأطراف وأن دورها مكمل للولايات القضائية الجنائية الوطنية. والفقرة (ج) من نفس المادة المتعلقة بمقبولية المتابعة تنص صراحة على أنه إذا سبق أن حكم شخص على نفس السلوك موضوع الشكوى فلا يكون من الجائز للمحكمة الجنائية الدولية إعادة المحاكمة على نفس التهم. ومن المعلوم أن القضاء السوداني سبق له أن شكل لجنة قضائية للتحقيق في أحداث دارفور سنة 2004 بشأن تحديد المسؤوليات عن الأفعال التي ارتكبت في أماكن محددة بهذه المنطقة برئاسة القاضي مولانا دفع الله الحاج يوسف من المحكمة العليا بالسودان ، وأن هذه اللجنة باشرت تحقيقا قضائيا واستمعت للعديد من الشهود والمتهمين وأصدرت أوامر القبض، وتم تقديم مرتكبي الجرائم للمحاكمة وأدينوا وصدرت أحكام على بعض منهم بالإعدام. وجاءت هذه الإجراءات بتنسيق تام مع ما ورد في ديباجة القرار 1466/2002 الذي أصدره مجلس الأمن في 12 يوليوز 2002 والذي ينص على أن الدول التي ليست أطرافا في نظام روما الأساسي ستواصل الاضطلاع بمسؤولياتها ضمن اختصاصاتها فيما يتعلق بالجرائم الدولية. هكذا يتبين أن دولة السودان احترمت مبدأ التكامل الذي هو من أهم مبادئ ميثاق روما وبالتالي فإن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية غير وارد لسببين ، 1-دولة السودان ليست طرفا في اتفاقية روما. 2-القضاء السوداني باشر مهامه واتخذ جميع الإجراءات بشأن أحداث دارفور وأصدر أحكاما فيما يخص الجرائم المرتكبة. سؤال: لماذا انتقاء إصدار مذكرة بحث في حق الرئيس السوداني عمر البشير خصوصا وأننا عشنا أخيرا مجازر وقتلا للإنسانية في قطاع غزة ؟ جواب: من المعلوم أن المحكمة الجنائية الدولية سبق لها أن وضعت يدها على ملف رؤساء دول كالرئيس تايلورز الليبيري وكذا الرئيس الصربي «سلوبودان ميلوسوفتش» غير أن مايميز متابعتهما أنها جاءت بعد انتهاء ولايتهما الرئاسية في حين أن الرئيس السوداني الذي يمثل الشرعية الدستورية للسودان لا زال يزاول مهامه وبالتالي، فإنه يتمتع بالحصانة طبقا لمضمون اتفاقية فيينا لسنة 1971. في هذا الإطار وحتى تتمكن الدول العربية الإفريقية من ممارسة حقوقها وأن لا تقع ضحية مثل هاته المتابعات فلا بد لها من الانخراط الفعلي في ميثاق روما المنشئ لمحكمة الجنائية الدولية. والشكاية ضد السودان تبناها مجلس الأمن الدولي، والذي أحال بدوره القضية بكافة أعضائه 15 على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية والذي ارتأى في أول الأمر متابعة وزير الداخلية ووزير الدفاع وحينما لم تتم الاستجابة لطلب تسليمهما قضى بتسطير المتابعة في حق الرئيس السوداني دون أن يكون هذا الأخير قد قام بصفة مباشرة أو غير مباشرة بارتكاب جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية طبقا لمقتضيات الفصل 25 من ميثاق روما فضلا عن مبدأ عدم رجعية القوانين (الفصل 24 من هذا الميثاق). وهنا لابد من الإشارة أنه أضحى من الواجب أن تظل المحكمة الجنائية الدولية بعيدة عن كل الخلفيات غير القانونية وأن تمارس المهام التي أنشأت من أجلها والمسطرة في ميثاق روما لسنة 1998 والتي تتعلق أساسا بعدم الإفلات من العقاب وعدم تكرار المآسي التي عاشتها الإنسانية خلال الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية وباقي الحروب الأخرى التي قادها أشخاص ظلوا يعتبرون أنفسهم فوق سلطة القانون الدولي ولا سيما المآسي التي تعرض لها الشعب الفلسطيني وأفغانستان وباقي الشعوب المضطهدة. سؤال: هل موقفكم ينبني على حيثيات قانونية محضة أم أنه يمتزج أيضا بحكم أنكم المحامي العربي والمسلم الوحيد بالمكتب التنفيذي للنقابة الجنائية الدولية ؟ > جواب: متابعة الرئيس السوداني من طرف المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بعدما تم رفض تهمة الإبادة الجماعية من طرف غرفة المشورة لدى نفس المحكمة يوم 4 مارس الأخير مخالفة لميثاق روما، وهو ما يجعل هذه المتابعة غير مقبولة على اعتبار أن هناك تناقضا في فصول المتابعة المذكورة. وفي قضية الرئيس السوداني، هناك الكيل بمكيالين بحيث لم يتم نفس التعامل مع مجرمي الإنسانية الذين اقترفوا جرائم كبرى اتجاه الشعب الفلسطيني وما مذكرة جهاز الإنتربول الصادرة أخيرا في حق هؤلاء إلا تأكيد على اقترافهم جرائم ضد الإنسانية. سؤال: ما هو سندكم القانوني للقول بعدم شرعية وعدم جواز محاكمة للرئيس السوداني ؟ > جواب: ميثاق روما واضح في هذا المجال ولذلك وجب الأخذ به وممارسة جميع الطعون القضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية وكذلك المطالبة بتطبيق الفصل 16 من ميثاق روما الذي يمنح إمكانية تأجيل المتابعة لمدة سنة، بناءا على قرار من مجلس الأمن الدولي يمكن تجديده عدة مرات. وفي هذا الصدد لا أفهم هذا التحامل على نظام الرئيس السوداني عمر حسن البشير. غير أنني لازلت أثق في عدالة قضاة المحكمة ونزاهتهم. أنا على يقين أنهم سيصرحون بعدم قبول المتابعة لأن المحكمة الجنائية الدولية هي محكمة مكملة للقوانين الوطنية، علما أن المحاكم السودانية سبق لها أن بتت في جرائم إقليم دارفور. فمقتضيات الفصل 17 من ميثاق روما، تنص على أن أي قضية سبق البت فيها من طرف المحاكم الوطنية لا يمكن إعادة طرحها من جديد. ومن الثابت أن قرارات المحكمة الجنائية الدولية ترتكز على مبدأين ، الأول يراعي مبدأ سيادة الدول ويجعل دور المحكمة تكميليا وإضافيا لعمل القضاء المحلي في كل دولة. والثاني يرتبط بتأمين وتحقيق ضمانات العدالة، وفي حالة السودان فلا يمكن الكيل بمكيالين مادام أن السيادة الوطنية تبقى فوق كل اعتبار، فضلا على كون العدالة في إقليم دارفور قد تحققت وتمت معاقبة مرتكبي الجرائم التي سطرها المدعي العام في صك متابعته، كما أن صك المتابعة لم يستند على الإجراءات المنصوص عليها في المادة 5 والتي تتعلق بمساطر فتح التحقيق والواجبات التي ينبغي للمدعي العام أن يتقيد بها في هذا المجال والتي تم خرقها في حالة الرئيس السوداني. سؤال: ماهي الإجراءات التي تعتزمون اتخاذها كمحام بالمحكمة الجنائية الدولية ؟. > جواب: يجب على جامعة الدول العربية أن تكثف جهودها مع اتحاد المحامين العرب، المهتم بهذه النازلة وممارسة المساطر القانونية للطعن في قرار المدعي العام أوكامبو أمام محكمة الجنايات الدولية ، ولا ينبغي إغفال أن واضع قانون محكمة الجنايات الدولية هو الخبير في القانون الجنائي الدولي المصري الدكتور شريف بسيوني والذي شغل سابقا منصب رئيس الجمعية الدولية للقانون الجنائي، والعالم العربي ولله الحمد يتوفر على خبراء كبار في القانون الجنائي الدولي وما علينا سوى مجابهة الوضع المقلق للسودان ورموزه بالقانون وبتكثيف الضغوطات السياسية لما قد يكون للقرار،غير المسبوق، الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة اعتقال في حق السيد عمر حسن البشير رئيس جمهورية السودان الشقيقة، من تداعيات على الأمن والاستقرار بهذا البلد الشقيق، وعلى آفاق إيجاد حل شامل ودائم لأزمة دارفور.