سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
جماعة الغد في حاجة الى منتخبين قادرين على بلورة استراتيجية تنموية مندمجة في جامعة حزب الاستقلال للدراسات والأبحاث والتكوين حول «التدبير المحلي والحكامة الجيدة»
شكل موضوع «الجوانب السياسية والقانونية للعملية الانتخابية» أول محور في أشغال الدورة السابقة لجامعة حزب الاستقلال للدراسات والأبحاث والتكوين، والتي انكبت هذه السنة على مقاربة معادلة «التدبير المحلي والحكامة الجيدة». وتميزت الجلسة الافتتاحية لأشغال الجامعة بإلقاء عباس الفاسي الأمين العام لحزب الاستقلال عرضا سياسيا استعرض خلاله مسار العملية الانتخابية التي عرفها المغرب منذ سنة 1960 والخرائط السياسية التي أفرزتها، والتراكمات الاقتصادية والاجتماعية التي ترتبت عن ذلك كما تطرق إلى المتغيرات القانونية التي واكبت العمليات الانتخابية وأبعادها من الناحية السياسية الوطنية والمحلية. وقالت لطيفة بناني سميرس رئيسة الجامعة إن المواضيع التي تطرقت لها الدورات الست السابقة تميزت بخاصية الراهنية ومعالجة قضايا كان المجتمع المغربي يبحث لها عن أجوبة بإلحاح من قبيل دور المستشار الجماعي في سياسة القرب (الدورة الأولى) والتنمية البشرية في مغرب مطلع الألفية (الدورة الثانية) وإصلاح الإدارة والقضاء (الدورة الثالثة) والتنمية المجالية (الدورة السادس)، وعلى هذا المنوال أتت الدورة السابعة لتلقي الضوء على مرحلة حاسمة في مسار المغرب من أجل تجديد النخب وتبني إصلاحات شاملة. وأضافت أن هذا اللقاء امتداد لمبدأ حزب الاستقلال المتمثل في ضمان الاستمرارية في التكوين لمناضليه والانكباب الدائم على معالجة قضايا الديمقراطية المحلية ومفهوم القرب، والعمل على تطويق الجماعات بمسؤوليات أوسع في إطار الجهوية، وأشارت الى أن خصوصية الدورة تمثلت في اعتماد معايير مضبوطة للمشاركة، وحددت في التمكن من الكفايات والعمل المباشر في الجماعات عن طريق الترشيح أودعم المرشحين في الانتخابات الجماعة المقررة في 12 يونيو المقبل، على اعتبار أن الورشات الموضوعاتية وعددها عشرة ستقارب كل الجوانب المرتبطة بالانتخابات من بدايتها الى نهايتها، وأبرزت في هذا الإطار أن العملية الانتخابية إذا لم تقم على الجوانب القانونية فلن تستقيم. إثر ذلك تناول محمد سعد العلمي الكلمة حيث أكد أن المحطة الانتخابية المقبلة هامة في حياة الديمقراطية المحلية، وهي لاتنفصم عن التجارب السابقة التي تميزت بصراعات وبمواقف حزب الاستقلال الذي كان يقرر مقاطعة الانتاخابات في أكثر من مناسبة. وفيما يرجع للقانون المنظم للجماعات المحلية فقال إنه تميز بالتدرج، إذ كانت للجماعات الملحية اختصاصات رمزية واستشارية، ومنذ 1976 تنازلت الدولة عن عدد من صلاحيات السلطة المحلية لفائدة الجماعة، وتطورت التجربة بفعل التعديلات المتلاحقة على الميثاق الجماعي لتنظيم الجبايات المحلية والتدبير المفوض، وانخراط الجماعة في برامج التعمير والتنمية الاقتصادية والاستثمار. غير أن السؤال الذي يطرح هو أية جماعة نريد؟ وماهي شروط جماعة الغد؟ وهل يقتصر دور المنتخب على تدبير شؤون الماء والتطهير والحدائق والكهربة والحالة المدنية أم أن هناك ضرورة الانتقال إلى أدوار أكبر؟ وأكد أن هذه التساؤلات مشروعة على اعتبار أن استثمار الميزانية العامة بلغ في 2009 ماقيمته 44 مليار درهم والاستثمار العمومي 135 مليار درهم فيما لاتتعدى استثمارات الجماعات المحلية 9 ملايير درهم، وهذا يطرح أمام الفاعلين الخواص والجماعات الملحية والقطاعات العمومية تحدي رفع الاستثمار وضمان التقاء البرامج، مضيفا أن الجماعة المحلية مطالبة بأن تكون شريكا اجتماعيا واقتصاديا للدولة وتتوفر على مجالس تحظى بالمصداقية لتنفيذ مشاريع ذات طابع تنموي حسب ما تخوله لها التعديلات التي لحقت الميثاق الجماعي. وأشار إلى أن اختيارات حزب الاستقلال هي إنجاح المشروع الديمقراطي وإعطاء مصداقية للمؤسسات، لذلك أتت القوانين الجيدة لتوسع المشاركة السياسية للمواطنين من خلال خفض سن الترشح وسن التصويت وتوسيع تمثيلية النساء ووضع تجهيزات متعددة في هذا المجال، وعلى هذا المنوال أضحت الجماعة المحلية مطالبة بصياغة مخططات للتنمية للارتقاء بأدوار الجماعة، وهو مبدأ يوازيه التعديل القانوني الذي حصر المنافسة على رئاسة المجالس في وكلاء اللوائح. واستعرض حيثيات تعزيز اختصاصات الرئيس وتنظيم نظام التفويضات ضمانا للشفافية وتوضيحا للمسؤوليات، وفسح المجال لإحداث مجموعات التجمعات الحضرية وتطوير الشراكة مع القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية وإنشاء شركات للتنمية المحلية أو المساهمة فيها. كما تناول مستجدات التقيد في اللوائح الانتخابية وتوضيح طرق صرف الأموال خلال الحملة الانتخابية من قبل المرشحين ورفع نسبة العتبة المطلوبة لتوزيع المقاعد إلى 6 في المائة بدل 3 في المائة. وختم عرضه بالقول إن جماعة الغد في حاجة إلى منتخبين يصوغون تصورات استراتيجية للتنمية المندمجة، ويتوفرون على شرطي الكفاءة والأمانة رغم صعوبة هذين الشرطين، ويقدمون برامج انتخابية حقيقية تنأى عن برامج الشعارات. وقدم جعفر العلوي أستاذ بكلية الحقوق بفاس عرضا تحت عنوان «زجر الغش الانتخابي والسياسة الجنائية» أوضح في مستهله أن راهنية الانتخابات تتجدد حيث تضع المعنيين أمام مواصفات جديدة مما يتطلب تسييج العملية بضمانات قانونية وآليات من بينها الزجر، لذلك نهج المشرع سياسة ملاءمة وطأة العقوبة مع خطورة الفعل الإجرامي كالحرمان من الترشح لولايتين، وردع كل مايمس النظام العام الانتخابي، لكن تظل عراقيل قانونية وسوسيولوجية مطروحة. فالجرائم الانتخابية من طبيعها قلة البروز أو التجلي مما ينتج عنه تضاؤل خطوط تحريك مسطرة المتابعة، كما أن هذه الجرائم يحيطها التستر والتكتم وعدم فاعلية تدخل القاضي الجنائي حيالها، لذلك هناك تفضيل لقاضي الانتخاب لنتائجه الملموسة، مسجلا أنه في الوقت الذي لم تطل بعض المقتضيات الجنائية تغييرات، اتجهت تعديلات نحو التشدد والصرامة، ولاحظ ضعف العقوبات في بعض الجرائم التي وصفها بالخطيرة كالتسجيل في اللوائح بصفة غير قانونية أو توزيع منشورات المرشحين من طرف موظفي الدولة. وفيما يخص سبل المعالجة، فقال من الضروري تفعيل الزجر وتدعيم الضمانات وسد الثغرات القانونية وإعادة صياغة بعض النصوص. وفي معرض التعقيب قال عادل بنحمزة عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال إن أي عملية انتخابية تكون ظرفية في موعدها لكنها حاسمة في كل أبعادها مميزا بين الزمن السياسي والزمن الاجتماعي اللذين لايتفقان من حيث سرعتهما، وأشار إلى أنه رغم التراكمات السابقة لايزال الحديث قائما حول نوعية المنتخبين والتحالفات والإصلاحات السياسية، مضيفا أن المكونات السياسية تأمل في أن يفرز 12 يونيو جماعات محلية بمضمون بشري كفء لاصلة له بمضمون المال أو العشيرة. وتطرق الى إشكاليات تطبع المشهد السياسي الجماعي والمتمثل في تدني مستوى التعليم وتذبذب الانتماء الحزبي وقرب مكاتب التصويت من المواطنين.