نتائج التشريعيات المنتظرة تطرح تساؤلات حول مستقبل المعارضة السياسية بالجارة الشرقية * العلم الإلكترونية لم يدم تحالف أحزاب المعارضة في الجزائر المنضوية تحت تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، ففيما سارع قطاع عريض من الأحزاب إلى المشاركة في الانتخابات التشريعية مايو المقبل، التزم البعض الآخر بخيار المقاطعة. وأكد الرجل الأول في حركة مجتمع السلم الإخوانية عبدالرزاق مقري أن "الذهاب للانتخابات أو مقاطعتها لا يفسد للمعارضة ودا، وأن أرضية مزافران 1 و2 ستبقى صالحة كوثيقة بلورت مواقف قطاع عريض من الطبقة السياسية، حول القضايا السياسية المطروحة في البلاد". وأوضح أن "أرضية مزافران الأولى والثانية لم تفرض موقفا معينا حول الاستحقاقات الانتخابية، وتركت الحرية للأحزاب السياسية، بالمشاركة أو بالمقاطعة". وأشار إلى أن "التفرغ للموعد الانتخابي في الظرف الراهن لا يعني أن أطراف التنسيقية أو هيئة المتابعة والمشاورات انحلت". وأعرب زعيم حزب طلائع الحريات علي بن فليس المقاطع للانتخابات التشريعية عن اعتقاده بأن "المعارضة السياسية لن تتأثر بخيار المشاركة أو المقاطعة، لأن ما يجمعها أكثر بكثير من هذه المسألة، وأنه يتوجب احترام أفكار وتصورات كل طرف في ما يتعلق بالقضايا الداخلية للأحزاب". وألمح إلى أن المعارضة مرشحة للتخندق مجددا بعد الانتخابات التشريعية، لأن البلاد تتطلب مواقف حازمة وتنسيقا أكثر، للخروج من الانسداد الشامل الذي تتخبط فيه. وتمكنت السلطة الجزائرية من تفكيك تكتل المعارضة، بفضل ورقة الانتخابات والإغراءات التي أطلقتها تجاه الأحزاب الإسلامية، بعد تنصيب أحد رموزها (عبدالوهاب دربال) على رأس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وتتحدث بعض المصادر عن صفقة سياسية غير معلنة تكفل للإسلاميين العودة إلى المشهد، مقابل مشاركتهم في الاستحقاق وشق صفوف تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي المعارضة. لكن الناطق الرسمي باسم حزب جيل جديد صابر يونس شريف قال إن مشاركة الإسلاميين في الاستحقاق الانتخابي أعانت السلطة على تمرير أجندتها، في حين دمرت تكتل المعارضة، وخانت أرضية مزافران الأولى والثانية. وأضاف "صحيح أن تكتل التنسيقية وهيئة المتابعة والمشاورات لم يفرض موقفا معينا، لكن إدراج الأرضية لمطلب الهيئة المستقلة لتنظيم ومراقبة الانتخابات كإحدى أبرز الإصلاحات السياسية والدستورية يوحي بأن الإسلاميين لم يلتزموا بالأرضية وسارعوا للقيام بدور شاهد الزور على انتخابات لا تملك آليات الشفافية والنزاهة". وكان حزب جيل جديد من أوائل الأحزاب السياسية التي أعلنت مقاطعة الانتخابات، قبل أن ينضم إليه طلائع الحريات وأحزاب أخرى قيد التأسيس كنداء الوطن لعلي بن واري، والاتحاد الديمقراطي والاجتماعي للقيادي المنشق عن جبهة القوى الاشتراكية كريم طابو، فضلا عن شخصيات مستقلة وناشطين. واستبعد الناطق باسم حزب جيل جديد أن يكون للمعارضة السياسية في الجزائر بعد الانتخابات شكل أو مضمون مستوحى مما كان في تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي وقطب التغيير وهيئة المتابعة والمشاورات، بالنظر لما وصفه ب"الانشقاق القاصم" الذي ضربها عشية إعلان السلطة عن موعد تنظيم الانتخابات التشريعية. وألمح إلى أن أحزابا معارضة وشخصيات مستقلة ستجد نفسها مرغمة على ترتيب أوراقها، قبل الانخراط في تكتلات لا تملك أسباب الاستمرارية والصمود والانسجام في الاستحقاقات المصيرية، بما يوحي إلى أن التوافق المحقق بين مختلف الأطياف في تكتل مزافران الأول والثاني لن يتكرر مستقبلا، بسبب مناورات الأحزاب الإسلامية. ويرى متابعون أن أحزاب المعارضة التي تفككت تحت ضغط الاستحقاق الانتخابي باتت تصعب عليها العودة بنفس الوهج والتوافق المسجلين لدى إطلاق تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي العام 2014. ومن المتوقع أن تتشكل تحالفات وتكتلات سياسية معارضة، انطلاقا من نتائج الانتخابات التشريعية، أو من اصطفافات جديدة تعيد معادلة العائلات السياسية للبلاد.