صرح وزير الخارجية الإسباني السيد ألفونسو داستيس يوم الأحد الماضي قائلا "حكومته تطالب الاتحاد الأوربي بالوقوف مع مدريد بشأن مستقبل منطقة جبل طارق البريطانية الواقعة جنوب شبه القارة الإيبيرية" وأكد رئيس الديبلوماسية الإسبانية في تصريحات نشرتها صحيفة الباييس الإسبانية على أن "مدريد تصر على أنه يجب أن يكون لها حق النقض بشأن أية اتفاقيات حول الجيب الاستراتيجي فيما تستعد بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوربي". طبعا من حق المسؤولين في الجارة الإيبيرية انتهاز ما يرونه مناسبا من فرص لإثارة قضية جبل طارق والسعي نحو استغلال الفرصة لتضييق الخناق على الحكومة البريطانية في هذا الصدد. فعامل الجغرافيا والتاريخ يسند هذا الموقف ويعطي الحق نظريا للجارة الإسبانية، ولكن منطق القوة الذي ساد ولا زال يسود في جميع القضايا والإشكاليات المرتبطة بالعلاقات الدولية، والتي تجعل ما هو مشروع نظريا هو غير ذلك على مستوى سيادة الواقع. فمثلا حينما نمعن النظر في المبررات التي تدفع بها مدريد فيما يتعلق بحق الإسبان المشروع في السيادة على جبل طارق، والذي يصعب الانتقاص من مشروعيته بإقحام إعمال حق السكان في تقرير مصيرهم، لأن السكان في هذه الحالة سيختارون المصير المادي والمعيشي الأفضل، وبالتالي فإن الحسم في مصير منطقة سيتم على أساس مادي صرف وليس على أساس الشرعية التاريخية والحضارية والجغرافية، هي نفس الدفوعات التي تصدق تماما على الحالة الاستعمارية السائدة في سبتة ومليلية والجزر التابعة لهما. والغريب أن مدريد هي المباشرة الفعلية لهذا الاستعمار. لذلك حينما يطالب وزير الخارجية الإسباني من الاتحاد الأوربي إعطاء بلاده حق النقض بالنسبة لأي اتفاق يوقعه الاتحاد مع بريطانيا المغادرة للاتحاد، كان عليه من المنطقي أن يضيف إلى ذلك ضرورة إعطاء السلطات المغربية حق النقض نفسه في أي اتفاق أو ما شابهه يجمع إسبانيا بالاتحاد الأوربي ويتعلق بسبتة ومليلية المحتلتين والجزر التابعة لهما، الأراضي المغربية التي تحتلها إسبانيا من خمسة قرون. ما يجب أن يسري على جبل طارق يجب أن يتم على أساس القانون الدولي والعلاقات الدولية العادلة وليس على أساس ما يخدم الثقافة الاستعمارية لدى مدريد أو لدى غيرها. *** بقلم // عبد الله البقالي *** للتواصل مع الكاتب: