أكدنا في «العلم» منذ سنوات أن إحالة الملفات على القضاء المدني والجنائي والمالي جزء من عملية الإصلاح الاداري المتحدث عنه على غرار الإصلاح القضائي منذ عقود خلت، وإلا فإن مظاهر الإجرام، والفساد، وتحفيظ قضايا المنازعات لن يتم الحد منها رغم كلفتها المالية، وتوالي انعكاساتها على عملية التقاضي، وجلب الاستثمار، وتنمية البلاد، وهو موضوع يطول الحديث عنه لتشعباته وتعقيداته وتداخله. في هذا السياق نشير على سبيل الاستئناس لظاهرة ملفتة تتعلق بالنصب والاحتيال والتزوير في البقع الأرضية، وما يرتبط بها من بيع وشراء للعقارات، حيث يلجأ بعض السماسرة لاقتناء الأراضي الشاغرة خاصة منها غير المحفظة، أو بيع عقارات فوق رؤوس أصحابها، أو استحواذ أطراف معينة على الأموال موضوع عمليات البيع، مع ما يترتب عن ذلك من تهرب ضريبي من خلال الاتفاق على مبالغ مالية تحت «الطابلة» ... إلخ. إن وزارة العدل بحكم وصايتها مطالبة أولا بحصر هذا النوع من القضايا المدرجة أمام مختلف المحاكم، وتشكيل لجنة يستدعى لها جميع الأطراف المعنية بملف العقار من المحافظة العقارية والعدول والموثقين ورؤساء المحاكم والوكلاء العامين وجمعية هيئات المحامين والشرطة القضائية ممثلة في وزارة الداخلية والقيادة العامة للدرك الملكي، والوكيل القضائي للمملكة، ومديرية الضرائب، وإدارة الأملاك المخزنية، والأمانة العامة للحكومة... لدراسة مختلف جوانب إفرازات هذه الظاهرة والخروج بخلاصات عملية تترجم الى مراسيم ومنشورات ودوريات ومقترحات مشروع قانون لسد الثقوب، باعتبار أن التشريع يواكب حاجيات ومتطلبات المجتمع. ويتعين تدارس مثلا إشكالية عدم تحفيظ العقارات، وطريقة إنجاز رسوم التصرف أو رسوم الاستمرارية، والحصول على الشهادة العقارية مقابل مبلغ 75 درهم، وسهولة الاطلاع على الطبيعة القانونية للعقارات، وقلب وسائل عبء الإثبات عند تعرض صاحب الملك وإبقاء السلطة التقديرية للمحافظ حتى في حالة صدور حكم لهذا الأخير، وإنجاز مطلب التحفيظ، إضافة إلى تزوير الوثائق بما في ذلك البطائق الوطنية، وإلزامية إشعار إدارة الضرائب بهذه الملفات لكي تتنصب كطرف مدني بالنظر للتلاعب في أثمنة اقتناء العقارات، فضلا عن مدى ملاءمة القانون الإطار للواقع المعيش. وتدارس إمكانية الرفع من العقوبة الحبسية والمالية مع حجز الممتلكات ومصادرتها والتجريد من بعض الحقوق الوطنية، وتوفير آلية قانونية للتنسيق بين المصالح المعنية، وتحديد آجال قانونية للبت في الملفات أمام معضلة طول إجراءات التقاضي. كما سبق أن أثرنا في ارتباط بالموضوع في الشق المتعلق بالاعتداء المادي مساءلة الاغتناء غير المشروع للبعض بفعل التلاعب في المساطر، التي لايتم أحيانا التأكد من صفة المدعي ومطالبته بالإدلاء بالوثائق الضرورية.