د. عبد الله ستيتيتو تعتبر القبائل العطاوية أكثر القبائل المغربية تشبثا بالأرض، مصدر عيشها ورزقها، فبها تحيى ومن دونها تفنى، وبفعل هذه العلاقة اللصيقة لآيت عطا بالأرض، تشكل لديهم نظاما عقاريا يخضع لعقلية جماعية متشبعة بكثير من مبادئ المساواة والعدالة، رغم المفاهيم القياسية، هندسة وجبرا، كانت تغيب كلية عن الوعي العطاوي: فالأرض الخصبة كانت تقسم بشكل يتقاطع والأودية، وتوزع على"خمسة أخماس"، كل يتقاضى نصيبه حسب الكوانين والفخدات التي يضمها، في حين أن الأراضي التي تخضع للتقسيم، والتي تكون عادة بعيدة عن صاغرو فهي تبقى ملكا للجميع، وكان عدد أقسام هذه الأراضي - التي يطلق على كل قسم منها "أكَودال"- يصل إلى 625 قسمة، توزع كالتالي: 125 لآيت أونير وآيت ولال. 100 لآيت إيسفون. 160 لآيت أونبكَي. 144 لآيت واحليم. 96 لآيت إيعزى. ولا يحق لخمس من الأخماس أن يفوت نصيبه لخمس آخر مهما كانت الضرورة، وذلك سدا للخصومات، ومنعا للتعقيدات والقلاقل الاجتماعية داخل الاتحادية العطاويةi. وتتضمن البنية العقارية للقبائل العطاوية أنواعا ثلاثة من الملكيات مازالت مجسدة بشكل واضح عند قبائل آيت إيسفول، وهي كالتالي: -الملكيات الخاصة الناتجة عن عطايا مباشرة أو عن اقتسام أرض معينة. -الملكيات الجماعية: وتتكون أساسا من أراضي البور، سواء داخل الواحات، أو بضواحي الأودية المشكلة للمجال الرعوي، وهي غالبا ما تخضع لعملية التقسيم عند موسم الحرث كما هو موجود في إقليم الماميد؛ حيث أن كل شيخ له الحق في"تاكَورت" التي لن تخضع للبيع إلا داخل أفراد القبيلة فقط. -الأراضي الجماعية غير الخاضعة للتقسيم: وتكون إما ملكا للآباء والأجداد الذين لم يخضعوها للتجزئة، وإما تكون مشتركة ما بين العناصر العطاوية والعناصر "الحرطانية"، ولم تقسم أصلا، فبقيت خاضعة لهذه الصفةii. وتولدت عن النوع الأول بنية محلية جديدة تكونت من أراضي "الملك"وأراضي"بلغير": فالأولى اعتبرت ملكا فرديا تتصرف فيه العشيرة بمحض إرادتها ولا تشاطرها فيه أي جهة، والعشيرة تحصل على هذه الأراضي أساسا من"أكَودال"وهي جزء من الأراضي الجماعية الخصبة، وذلك عندما تقسم على أخماس الاتحادية العطاوية، فيقوم كل خمس بتقسيم نصيبه على عدد كوانينه إلى أن ينتهي الأمر إلى ما يسمى "بأكَودال"التي تجهز بالسواقي والخطارات والآبار، وتهيأ بشكل هام وجاد. وعبر الوقت تتحول أراضي "الملك" إلى أراضي "بلغير" عندما تفوت لأولاد أول مالك لها، فيوزعونها هم أنفسهم على أولادهم. وهذه الأرض لا تخضع لأي تفويت إطلاقا كالبيع والشراء أو التبادل والتبرع؛ لكن هذا العرف قد ينتهي مفعوله عند مغادرة هذه الأرض وهجرتها من قبل أصحابها، لمدة معلومة تمتد ما بين سنتين وعشر سنوات. والغريب في هذا النظام، هو أن هذه الأراضي، ولو أنها تخضع لهذا التقسيم لعدة أجيال، فإنها تبقى خاضعة لإرادة مجلس الجماعة الذي له كامل الصلاحية في إعادة تقسيمها من جديد؛ إذ يكون كل طرف مهيأ لقبول نصيب جديد، سواء كان غثا أو سمينا، رديئا أو جيدا، وذلك دون أن يتقاضى أصحاب الأرض أي تعويض مقابل عمليات التهيئة التي قدموها للأراضي التي كانت في حوزتهم سالفا؛ إذ من المحتمل أن تصبح العشيرة مالكة لأراضي خصبة معطاء بعدما كانت لا تتوفر إلا على أراضي قاحلة جرداء، أو العكسiii. i -Capitaine De Monts De Savasse,(D. M), Le régime foncier chez les Ait Atta du Sahara,C.H.E.M, n? 1815,pp. 14-15. ii - Niclausse (C. ), op. cit. p. 13. iii - De Savasse,(D. M), op. cit. ,pp. 18-19. يتبع