يعلم الجميع أن لنا مغاربة مهاجرين طوعا وقسرا بالعديد من دول آسيا منتشرين في أرض الله الواسعة في الصين وروسيا واليابان والهند وأستراليا وغيرها؛كما يعلم الجميع أيضا أن لنا مغاربة آخرين وعددهم بحوالي خمسين ألفا في بلدان الخليج العربي الست:بسلطنة عمان والإمارات العربية والسعودية وقطر والكويت والبحرين؛والقاسم المشترك بين هؤلاء وأولئك هو كونهم يقيمون بدول عربية نفطية من الدرجة الأولى عالميا وعربيا ؛تكن تقديرا واحتراما للمغرب لكونه يشكل معها حلفا للبلدان العربية ذات النظام الملكي أو الأميري وكونها أيضا تصنف جميعا في خانة البلدان العربية المعتدلة ضمن بلدان جامعة الدول العربية. ومن بين القواسم المشتركة لمغاربة الخليج كونهم يشتركون في الصفة الوطنية التي تجعلهم يقدمون الولاء للدولة المغربية ملكا وحكومة وشعبا ؛رغم عامل البعد عن الوطن بآلاف الكيلومترات أو بعشرة أو عشرات الساعات عبر النقل الجوي؛كما أن غالبيتهم من جيل الشباب متوسطي العمر ويهيمن عليها العنصر النسائي؛وولاؤهم لوطنهم قوي جدا أكثر من باقي مغاربة الخارج الآخرين؛لكونهم يعلمون أنهم سيبقون على جنسيتهم المغربية؛طال الزمن أو قصر بالمهجر لاستحالة تجنيسهم بهذه البلدان الخليجية؛حتى وإن دخلوا في علاقة نسب أو زواج مختلط أو مصاهرة أو غيرها؛خلافا للجالية المغربية بأوربا التي تتمتع بالعديد من الامتيازات في هذا المجال كلما اندمجوا بشكل أو بآخر في المجتمع الأوربي. ومما يؤسف له أن عامل البعد وعوامل أخرى إدارية وسياسية كانت السبب في كوننا لا نعرف عن مغاربة الخليج شيئا عن وضعهم الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والنفسي ؛بحيث أن الدولة ومؤسساتها الرسمية وشبه الرسمية لا تتواصل معهم البتة من منطلق كونها مطمئنة أن هذه الجالية هي بدول عربية إسلامية ميسورة وبالتالي لا داعي للبحث في قضاياهم؛وخاصة أن السفارات تبعث بتقارير مطمئنة بهذا الشأن ؛علما أن مما يؤسف له أن هذه السفارات المغربية محدودة الاتصال والتواصل مع المغاربة؛حيث يديرها جيل جديد من السفراء المقتدرين والوطنيين؛لكن يبدو أن هؤلاء السفراء يشعرون بدورهم بعزلة شديدة حتى من الدوائر الرسمية المسؤولة؛كما أن الإعلام المغربي الرسمي وغير الرسمي مقصر في حق الجالية المغربية بشكل كبير. لاشك أن للمملكة المغربية علاقات دبلوماسية جيدة مع مختلف بلدان الخليج العربي منذ القديم ؛حيث لا يمكن أن ننسى مختلف أنواع الدعم الاقتصادي بل وحتى السياسي التي تقدمها لنا هذه البلدان في قضايانا الوطنية الحيوية والمصيرية؛أكثر من غيرها من البلدان ؛وبالتالي يتعين العمل على الحفاظ على علاقاتنا الطيبة مع هذه الدول مع التفكير في تطويرها بشكل أحسن خدمة للمصالح الثنائية المشتركة . إن الجالية المغربية المقيمة بدول الخليج وهي تعيش ببلدان عربية شقيقة لنا معها علاقات طيبة لا يمنع كل هذا من فتح ملف هذه الجالية التي تقدر بالآلاف؛والتي لا زالت الدولة لحد الآن تدير ظهرها ومنذ عقود للقضايا الهامة التي تعاني منها هذه الجالية ؛إذ يستغرب المرء كيف أن الجالية تعاني من مجموعة من المشاكل القانونية دون أن تثيرها العديد من المؤسسات الوطنية والدولية على مائدة المفاوضات؛علما أن ثمة اتفاقيات دولية تربط فيما بيننا ودول الخليج في هذا المجال ؛كما أن بلدان الخليج ذاتها صادقت على معاهدات واتفاقيات دولية في مجال العمالة الدولية والهجرة الدولية وحقوق الإنسان وغيرها ؛دون أن تجد تطبيقا واحتراما لها في غالبية دول الخليج؛وهذا ما تسجله بعض المنظمات الدولية في تقاريرها ؛حيث أن بعض هذه البلدان متورطة في الاتجار في البشر وفي التهريب وفي التشغيل القسري للعمال وللخادمات وفي خرق الاتفاقيات الدولية الخاصة بعقود الشغل والحقوق النقابية والتمييز فيما بين الرجل والمرأة وغيرها. لقد بدا جليا أن بعض قضايا مغاربة الخليج بدأت تعرض على المحاكم الخليجية وكذا أمام القضاء المغربي ؛وهو ما بدأ يطالب معه المغاربة هناك من أن يفكر يوما الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج بزيارتهم ووضع قضاياهم في أولى الأولويات أجندته؛كما أنهم تأسفوا للطريقة الارتجالية التى تم تكوين بها المجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج بعد أن زارهم مبعوثان اثنان منتدبان عن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ولم ينصفا جالية الخليج في تمثيلية أحسن وأنسب وأعدل خلافا لما هو عليه الأمر بممثلي باقي دول المهجر؛ولا زالوا ينتظرون إنصافهم من طرف جلالة الملك محمد السادس بشأن تمثيلية مناسبة لرعاياه في دول الخليج ؛كما أن رئيس هذا المجلس الحالي لم يعرض بعد لا مع جلالته ولا مع الوزير الأول ولا مع المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان التدابير الاستعجالية الناجعة والمناسبة للنهوض بقضايا مغاربة الخليج؛كما أن وزير الشغل ذاته ووزير الخارجية بات مفروضا عليهما؛في إطار ما يبذلانه من قصارى الجهود بهذا الشأن؛رفع تقارير موضوعية للأستاذ عباس الفاسي الوزير الأول الذي ما فتئ في كل زيارة دولية يزور مهاجرينا المغاربة بالخارج من أجل الاطمئنان على أوضاعهم الصعبة في إطار ما يستحقونه من عناية وتقدير ببلد المهجر ولنا عودة بشكل مفصل في موضوع لاحق. [email protected]