انطلقت بمدينة فاس مساء أمس الجمعة أنشطة الدورة الثامنة للمهرجان الوطني للفيلم التربوي المنظم بشراكة بين الأكاديمية الجهوية للتربية و التكوين بجهة فاس بولمان و جمعية فضاء الإبداع للسينما و المسرح و هي دورة حافلة بالأنشطة السينمائية المتنوعة من بينها عرض عدة أفلام تربوية داخل المسابقة الرسمية و خارجها، و ندوة وطنية يتطابق موضوعها مع شعار هذه الدورة «الفيلم التربوي دعامة أساسية لإرساء مدرسة الاحترام»، و ورشات تكوينية حول الممثل و حول تقنيات المونتاج، ومائدة مستديرة ينشطها الممثل و المخرج المسرحي محمد فراح العوان بمشاركة صحافيين و نقاد. و تتميز هذه الدورة يوم غد الأحد بتكريم أحد رواد الحركة المسرحية ببلادنا الفنان و الممثل و المخرج الموهوب و المقتدر الحاج محمد التسولي الذي سيحتفى به و بمشواره الفني الطويل الذي انطلق و هو في السن الحادي عشر، هذا المشوار الحافل بالعطاءات كمؤلف وممثل أو مخرج في عدد كبير من الأعمال المسرحية و السينمائية و التلفزيونية التي لا يسمح هذا الحيز الضيق بذكرها كلها من بينها أفلام مغربية مثل «قنديشة»، «فين ماشي يا موشي»، «عطش» ، «منى صابر» ، «ساعي البريد»، «دموع الندم»، و أفلام دولية مثل «الفهد الوردي»، «الملك داوود»، «الأسكندر المقدوني»، و من بينها أيضا مسلسلات قام بتأليفها مثل «موعد مع المجهول» و «ذئاب في دائرة» و أخرى مثل فيها من بينها المسلسلان العربيان «ربيع قرطبة» و»ملوك الطوائف»، كما يعود له الفضل الكبير بتجربته و طيبوبته في فتح المجال لممثلين شباب أصبحوا حاليا مشهورين. لقد توفق منظمو هذا المهرجان في اختيار الكاتب و المسرحي المرموق الدكتور عبد الكريم برشيد لتقديم شهادة تقدير في حق هذا الفنان، توفقوا في ذلك لأمرين، أولهما أن الأستاذ محمد التسولي له علاقة بالمسرحي عبد الكريم برشيد، و تتجلى هذه العلاقة في مسرحية «ابن الرومي في مدن الصفيح» التي ألفها عبد الكريم برشيد في سنة 1975 و قدمتها «فرقة الشهاب» بالدار البيضاء في نهاية سبعينيات القرن الماضي من إخراج محمد التسولي مع العلم أنها عرضت قبل ذلك من إخراج جماعي في مناسبات مختلفة. الأمر الثاني يتجلى في كون هذه المسرحية لها علاقة بالموضوع التربوي الذي يتخصص فيه هذا المهرجان السينمائي،فقد صدرت في كتاب عن منشورات إديسوفت بالدار البيضاء ، وذلك بعدما صدرت في نهاية السبعينيات من القرن الماضي بمجلة (الآداب) البيروتية، وصدرت بعد ذلك في أحد أعداد مجلة ( الفنون) المغربية، والتي كانت تصدرها وزارة الشؤون الثقافية، وبعد جولة كبيرة في كثير من عواصم العالم العربي دخلت المقرر المدرسي وأصبحت درسا في المؤلفات الأدبية، وبخصوص علاقتها بالأهداف التربوية يشير ناشر هذه المسرحية في كلمته التقديمية إلى أن اعتماد مؤلفات جديدة بالجذع المشترك للآداب والعلوم الإنسانية، والجذع المشترك للتعليم الأصيل من طرف وزارة التربية الوطنية يصب في هذا الاتجاه، ولعل اختيار هذه المسرحية للكاتب المسرحي المغربي الدكتور عبد الكريم برشيد يحمل بين طياته غايات تربوية، ومقاصد بيداغوجية، وأهدافا معرفية، لها ما يدعمها في العملية التعليمية التعلمية، فمؤلفها يعد رائدا من رواد المسرح العربي والمغربي بفضل جهوده المتواصلة في مجالات الكتابة الدرامية والتنظير المسرحي والدراسات والأبحاث النقدية الجادة والهادفة، لذلك لا غرابة أن يتم اعتماد نص من نصوصه الدرامية التي تتميز بتمثلها لآليات الكتابة المسرحية وتقنياتها المتعددة والمختلفة شكلا ومضمونا، هذا بالإضافة إلى كون هذا النص يجسد بعض مواقف وتصورات المسرح الاحتفالي الذي يعتبر المسرح فنا من الفنون التعبيرية التي ترقى بعقل الإنسان وروحه ووجدانه، كما يعتبره مقياسا لرقي المجتمعات وحضارات الأمم وتطورها.