* العلم يواصل جلالة الملك محمد السادس جولته الإفريقية الناجحة التي شدت إليها اهتمام وانتباه الرأي العام الإفريقي والعالمي، وتواصل الجولة المتميزة إثمار النتائج الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المذهلة. جولة لا تقتصر على زيارات رسمية تنتهي بالتقاط صور تذكارية يكون الهدف منها إعلاميا ليس أقل ولا أكثر، بل جولة تتعلق بزيارات عمل حقيقية تم التحضير لها بما يكفي من الوقت،وكل زيارة من هذه الزيارات المباركة تنتهي بتوقيع عشرات الاتفاقيات الهامة التي اجتمعت في شأنها لجان مشتركة وسبقتها دراسات جدوى ودراسات علمية وتقنية كلفت ما تطلبه من وقت وجهد. إن جلالة الملك محمد السادس نصره الله يواصل التأكيد على أن لجلالته نظرة استباقية ورؤية استراتيجية مستقبلية حقيقية: أولا ، لأنه يجسد المقاربة الجديدة في العلاقات الاقتصادية الدولية التي تقترح بدائل فعالة، وتؤكد على الإمكانيات الهائلة والفرص السانحة التي تتيحها علاقات جنوب – جنوب، بحيث لم تعد المعادلة قائمة على حصر الاستفادة من علاقات دول الجنوب في علاقات اقتصادية تقيمها مجبرة مع دول الشمال، التي تتعمد الإغراء والاستمالة بعناوين مختلفة ، مرة تأخذ صفة الخبرة و أخرى تلبس صفة المساعدة المالية، بل إن جولة جلالة الملك في أعماق القارة الإفريقية تقترح بدائل لهذه الصورة النمطية في العلاقات الدولية. فالعلاقات جنوب – جنوب تحفل بفرص وإمكانيات التعاون الإقتصادي الحقيقي والنافع للطرفين في إطار الندية والمساواة، وليس في إطار القوة و السادية التي تطبع اليوم علاقات جنوب شمال. ثانيا ، تتجسد النظرة الاستباقية والرؤية الاستراتيجية المستقبلية في التذكير بأن فرص الاستفادة من علاقات اقتصادية حقيقية موجودة ومتوفرة اليوم و في المستقبل في القارة الإفريقية. وخاطئ من يعتقد أن بلادنا لن تجني ثمارا مالية و اقتصادية هائلة مما هو جلالة الملك اليوم بصدده في القارة الإفريقية. المعطيات الاقتصادية السلبية التي ترسخت في أذهاننا لفترة زمنية طويلة حول العديد من الأقطار الإفريقية أضحت من الماضي وتجاوزتها الأحداث والتطورات، فدول مثل إثيوبيا ورواندا التي ترسخت في أذهان البعض صور نمطية عنها ، تحقق حاليا أعلى معدلات النمو الاقتصادي السنوي في العالم ،وليس في القارة الإفريقية، وإثيوبيا التي اجتاحتها المجاعة في زمن غابر ستنهي الأشغال خلال شهور قليلة من بناء أكبر سد مائي في القارة الإفريقية وعاشر سد على المستوى العالمي. إن كثيرا من الأقطار الإفريقية نجحت في تكريس الخيارات الديمقراطية مما مكنها من تحقيق تطورات مذهلة في اقتصادياتها، وهي أضحت أسواقا أستثمارية و استهلاكية مهمة و واعدة، والنظرة الاستباقية و الرؤية الاسترتيجية المستقبلية لجلالته تكمن في أن يكون المغرب سباقا لاستثمار ما تتيحه التطورات في القارة الإفريقية من فرص و إمكانيات في قيام علاقات اقتصادية تستند على منطق رابح – رابح . ثالثا ، لنترك الخصوم والأعداء الإدعاء بأن للمغرب خلفيات وحسابات سياسية فيما هو بصدد القيام به في القارة الإفريقية، لأنه لو كان الأمر كذلك لما نجح المغرب في هذا الرهان بسبب عائدات الغاز والبترول لمن يردد هذا الكلام الفارغ. بل إن الواقعية التي تطبع جولة جلالته إلى العديد من الأقطار الإفريقية تكمن و تتجسد في أنها شملت دولا إفريقية لها مواقف غير مناسبة بالنسبة لقضية وحدتنا الترابية، الأمر يتعلق بدول إفريقية كبيرة ولها وزن على المستوى العالمي. قد لا تبدو ولا تتجلى النتائج المهمة في الحال، ولكن الأكيد أن المستقبل القريب والبعيد سيؤكد صواب الاختيار، وسيذكر التاريخ لجلالة الملك محمد السادس نظرته الاستباقية الثاقبة ورؤيته الاستراتيجية المستقبلية السديدة.