من المؤكد أن الجولة التي بدأها صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، يوم الثلاثاء لعدد من دول شرق إفريقيا، تعد بمستقبل واعد ، وتبشر بعهد جديد في علاقات التعاون بين المغرب وهذه الدول. وهكذا ستمكن الزيارة الملكية، الأولى من نوعها لرواندا وتنزانيا وإثيوبيا ، بما لا يدع مجالا للشك، من تعزيز تعاون تريده المملكة أن يكون استراتيجيا ومعمقا ونموذجيا . كما ستكون مناسبة لتنويع الشراكات وتعزيز موقع المغرب على المستوى الإقليمي والدولي ، خاصة من خلال خلق نموذج للتعاون جنوب – جنوب فعال ومتضامن ومتعدد الأبعاد، يقوم على شراكة رابح – رابح. وفضلا عن ذلك، فإن الزيارة الملكية لهذه البلدان ، التي يرجى أن تكون استثنائية في العلاقات التاريخية التي تربط بين المملكة المغربية والقارة الإفريقية ، ستساهم في النهوض بالتعاون مع إفريقيا الأنغلو – ساكسونية ، خاصة وأن المغرب يمتلك تجربة رائدة في إفريقيا تجسدها المشاريع التنموية المنجزة والإتفاقيات المبرمة خلال مختلف الزيارات التي قام بها جلالته للعديد من البلدان الإفريقية الشقيقة والصديقة. ومما لا شك فيه أن الزيارة الرسمية التي قام رئيس رواندا بول كاغامي للمغرب في يونيو الماضي بدعوة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مكنت من إعطاء دفعة جديدة للعلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية مع هذا البلد الإفريقي. كما أن جلالة الملك التزم شخصيا بأن يعقد المغرب شراكات مع العديد من البلدان الإفريقية ، ما يعطي مصداقية أكبر لمفهوم التعاون جنوب – جنوب، وفق رؤية بعيدة المدى ومقاربة متضامنة وفعالة مع بلدان القارة. ويتعلق الأمر بطموح مشترك يتقاسمه جلالة الملك والرئيس كاغامي ، القائدان اللذان حقق بلداهما تقدما اجتماعيا واقتصاديا تحت قيادتهما. كما أن آفاق تطوير العلاقات بين المغرب ورواندا في مختلف المجالات تبشر بالخير ، وكلا البلدين لديها المصلحة في بدء تقارب مفيد للجانبين ، وتوقيع اتفاقات تعاون رابح – رابح ، واستكشاف آفاق جديدة في ظل الطموح المشترك. وتعد مشاريع الاستثمار في قطاعات الفلاحة والنقل والربط الجوي والتكوين المهني وتبادل البعثات ، ضمن الأوراش الرئيسية التي يتعين على رجال الأعمال في البلدين بذل جهود أكبر فيها ، وذلك بهدف تطوير العلاقات الاقتصادية، والترويج للمنتجات الافريقية، وإنعاش المبادلات التجارية، والاستثمارات في القارة. فالرباط وكيغالي مدعوتان أكثر من أي وقت مضى لبناء علاقات مكثفة ودائمة ، في ظل الإرادة الراسخة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ورئيس جمهورية رواندا بول كاغامي، القائدان الإفريقيان اللذان يمتلكان رؤية حقيقية للتنمية الوطنية ، وكذا للتنمية الإقليمية والقارية. ومما لا ريب فيه أن الزيارة التي سيقوم بها جلالة الملك لبلدان شرق إفريقيا ستعطي دفعة قوية لعلاقات المغرب مع هذه البلدان الإفريقية، والتي ظلت على حالها لفترة طويلة. فالمغرب وإفريقيا يجمعهما مصير مشترك ، والمملكة هي بالتأكيد شريك أساسي لتحقيق التنمية والتقدم ، وتعزيز السلام والإستقرار، فضلا عن المساهمة في تأهيل الموارد البشرية. من جهة أخرى ، فالشراكة جنوب – جنوب التي يتطلع إليها قادة إفريقيا ، هي الشراكة ذاتها التي يدعو إليها جلالة الملك محمد السادس، الذي ما فتئ ، منذ إعتلائه العرش ، يولي اهتماما خاصا لإفريقيا، القارة التي تمثل امتدادا طبيعيا وجيواستراتيجيا للمغرب من وجهة نظر سياسية واقتصادية وروحية. وينضاف إلى ذلك ، أن المملكة ، القوية بنموذجها التنموي الفريد والتزامها الراسخ لفائدة التنمية الاقتصادية لإفريقيا ، تطرح نفسها كركيزة أساسية لا محيد عنها لشراكة جديدة مع بلدان إفريقية بدأت ملامح التعاون معها تظهر.