العلم : رشيد زمهوط على الرغم من التطمينات المتجددة للمسؤولين الحكوميين المغاربة و التقارير الصادرة عن الهيئات الدولية في شأن قدرة الاقتصاد المغربي المتنوع و المنفتح على إمتصاص آثار الصدمات المتتالية للأزمة المغربية تظل التوازنات المالية الداخلية عرضة لانكماش منتظر و مؤكد لمصادر التمويل و الدخل الخارجية . و يبدو المغرب كغيره من دول منطقة شمال إفريقيا و على الرغم من الاندماج المحدود لقطاعه في الأسواق المالية العالمية فإن هذا الوضع المريح ظاهريا لا يعفيه من تبعات التقلص المحسوس للتحويلات والاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة سواء من بلدان مجلس التعاون الخليجي أو من المجموعة الأوروبية . و كانت تقارير قد تحدثت عن انكماش لحجم الاستثمارات الأجنبية بالمغرب السنة الماضية بنسبة سبعة في المائة لتستقر في حجم 1,7 مليار أورو مسجلة أقل تأثير سلبي على مستوى المنطقة و هو ما فسر من لدن الخبراء الماليين بأنه ترجمة لنجاعة الاختيارات الاقتصادية المتنوعة و الطموحة التي يقدمها الأداء الاقتصادي الوطني الواعد و كانت محط تنويه و تقدير من طرف المسؤول الأول لمؤسسة البنك الدولي . و على الرغم من إقرار تقديرات موازية الى التحدي الأساسي الذي يطرحه استفحال الأزمة المالية العالمية بعد أن فقدت الرساميل المالية العربية الكثير. وبلغت خسائر دول الخليج 350 مليار دولار، جراء عمليات مست أصول الشركات وهامش المخاطرة الناتج عن تمويل المشاريع والمساهمة في صناديق الاستثمار وعمليات الشراء وهو ما كبد مجمل الثروات العربية في الخارج تراجعا في السيولة يناهز ال 3 آلاف مليار دولار و توقعها تأثير هذه النكسة الخليجية المتزامنة مع تواصل إنهيار أسعار النفط على حاضر و مستقبل الاستثمارات الخليجية المتنوعة بالمغرب و التي تهم قطاعات السياحة و العقارو الخدمات و التي بوأ المغرب المرتبة الرابعة، في قائمة البلدان العربية المستقطبة للإستثمارات الصادرة من بلدان عربية، خصوصًا من الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وقطر، والبحرين، والكويت. حتى سجلت قبل ثلاث سنوات تفوقًا بالمقارنة مع نظيرتها الأوروبية والأميركية. و يرى مهتمون بواقع الاستثمار الأجنبي بالمغرب أن تداعيات الأزمة العالمية و إن بدأت آثارها تمس محليا قطاعات النسيج والألبسة والسيارات والعقار، مما جدد المخاوف من تراجع الاستثمارات الخارجية أو انسحاب المؤسسات العربية من بعض المشاريع فإن التعهدات المبرمة بين الدولة المغربية والمؤسسات الخليجية و المتناغمة مع أجواء من التقارب السياسي لا تمس في العمق الاوراش الجارية التي توفر في المغرب أرضية استثمار مغرية بفعل أسعار سوق الشغل المتوفرة المناسبة و حجم الضمانات القانونية التي توفر المناخ الأفضل بمنطقة شمال إفريقيا لتحقيق مردودية و نتائج أفضل بالنسبة للتوقعات الاقتصادية القريبة الأجل . و تبذل الحكومة المغربية قصارى جهودها لتنويع مسالك الاستثمار بالمغرب و تحريك عجلة الاستثمار العمومي في البنيات التحتية الضخمة و تواكبها بسيل من خطط الهيكلة و التصحيح التي تهم أساسا تدبير الوعاء العقاري العمومي و تعبئته لمرافقة الانتعاشة الملحوظة في مجال البناء و الأشغال الكبرى مما يوفر للمغرب خاصية الامتياز بهامش المخاطرة المحدود في مجال الاستثمار العقاري . على أن تبعات الأزمة المالية على عائدات و تحويلات الجالية المغربية بالخارج و التي تأخذ منحى انخفاض محسوس بعد أن ظلت تشكل عائداتها نسبة تناهز الأربعة في المائة من الناتج الداخلي الخام تشكل بالنسبة لصناع القرار الوطنيين التحدي الأكبر لاستيعاب تأثيراتها على التوازنات المالية و إحتياطات الصرف مما يجبر الجميع على البحث عن البدائل الممكنة و المتاحة وسط مناخ تنافسي متشدد لجلب العملة الأجنبية و تعويم دقيق و مدروس لسعر الصرف .