تعرضت حكومة مدريد مؤخرا، لسيل من الانتقادات والمؤاخذات والمساءلات من طرف مجموعة من الهيئات والمنظمات والمؤسسات الأوروبية، بسبب سوء تعاطيها مع ملف المهاجرين السريين، واعتمادها مقاربة أمنية صرفة، خصوصا بالثغرين المحتلين سبتة ومليلية. مخالفة بذلك توجيهات البرلمان الأوروبي، خاصة فيما يتعلق، بعمليات الإعادة القسرية للمهاجرين، التي تعد ممارسة غير قانونية، و تتناقض مع القانونين الدولي والأوروبي، و لا تليق بتاتا ببلد ينتمي إلى الاتحاد الأوروبي. وفي هذا السياق، شجبت الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان (التي تضم 82 منظمة حقوقية تمثل 30 بلدا أوروبيا ومتوسطيا) في بلاغ صادر عنها، التدخل الأمني العنيف للسلطات الإسبانية إزاء حوالي 800 مهاجر إفريقي ينحدر غالبيتهم من بلدان جنوب الصحراء، الذين حاولوا اقتحام الحدود الوهمية لمدينة سبتةالمحتلة، في الساعات الأولى من صباح فاتح يناير الجاري. لكن تم التصدي لهم بشكل عنيف، نتج عنه إصابة نحو 50 منهم إصابات متفاوتة الخطورة. وشجبت الشبكة الأورو متوسطية لحقوق الإنسان موقف السلطات الإسبانية، وقالت إنها مارست القمع المنهجي إزاء المهاجرين، وأعادتهم قسرا، دون أن يتمكنوا من الحصول على إجراءات طلب لجوءٍ تراعي أوضاعهم الفردية. واعتبرت الشبكة أن ما وصفته ب »عمليات طرد جماعية على الحدود مع المغرب »، تندرج « ضمن سياق خطير من القيود المفروضة على الوصول إلى الحماية الدولية في الاتحاد الأوروبي ». وذكرت بموقف البرلمان الأوروبي الذي أشار، قبل شهر واحد فقط، بقلق، إلى الانتهاكات الحاصلة للحقوق الأساسية للمهاجرين واللاجئين على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. ووفق الشبكة الأورو متوسطية لحقوق الإنسان فإن عمليات الرفض التلقائي لدخول المهاجرين إلى سبتة أو مليلية « ليست مجرد فعلٍ منعزلٍ كما تؤكد عليه التقارير المتزايدة للمنظمات المحلية والدولية إلى جانب التقارير الإعلامية، بل إنها تستند إلى تشريع يجيز تطبيق سياسة غير قانونية »، منددة بهذه السياسة المتبعة من طرف السلطات الإسبانية. وشجبت الشبكة المذكورة إقدام السلطات الإسبانية على إعادة المهاجرين إلى المغرب، دون الشروع في دراسة كل حالة على حِدة، وقالت إن ذلك يتم « في ظل سياق عام من حالات الإفلات من العقاب لحَرس الحدود بعد ارتكابهم أعمال عنف ضد المهاجرين ». مطالبة ب »ضرورة معاملة أي شخص بكرامة مهما كان وضعه، والكف فوراً عن هذه الممارسات التي تمس بالكرامة والحياة الإنسانية ». وعلى صعيد آخر، أصدرت السلطات القضائية بمدينة سبتةالمحتلة مؤخرا، قرارا يقضي بفتح تحقيق جديد بشأن مقتل 15 مهاجرا من دول إفريقيا جنوب الصحراء يوم 6 فبراير 2014؛ على يد أفراد من الحرس المدني الإسباني بهدف التصدي لمرشحين للهجرة السرية على مستوى المياه الإقليمية للثغر السليب، قبل أن يتم انتشال جثث الضحايا التي طفا بعض منها بسواحل مدينة الفنيدق. ووفق ما أوردته صحيفة « بوبليكو » الإسبانية، فإن « هيئة القضاء بالثغر المحتل قبلت الاستجابة للطعن التي تقدمت به كل من اللجنة الإسبانية لدعم اللاجئين وتنسيقية « باريوس » لمراقبة أوضاع الأطفال والشباب الأجانب »؛ مضيفة أن « التنظيمين الحقوقيين المذكورين عبرا عن استنكارهما، سابقا، بخصوص قرار محكمة الاستئناف القاضي بأرشفة الملف دون حتى معرفة نتائج التشريح الطبي ». وفي تعليقها على خطوة إعادة فتح تحقيق جديد بشأن هذه القضية المثيرة للجدل، قالت إستريا غلان، الأمينة العامة للجنة الإسبانية لدعم اللاجئين، المعروفة اختصارا ب »CEAR »، إن « قرار المحكمة العليا للعدل بسبتة إيجابي وعادل، وهو انتصار قضائي كبير وإشارة قوية لهؤلاء الأمنيين الذين يقومون بممارسات غير قانونية. وعلى النقيض مما سبق ذكره، ورغبة في حجب الشمس بالغربال، وذر الرماد في العيون، كشف الكاتب العام لوزارة الداخلية الاسباني خوصي أنطونيو نييطو، عن رغبة بلاده في إقامة مستوى جديد من التنسيق الأمني المغربي الإسباني، في مجال محاربة الهجرة السرية أساسا، من خلال خلق دوريات مشتركة مغربية إسبانية في محيط مدينة سبتةالمحتلة، لتوقيف هجمات المهاجرين الأفارقة. وقال المسؤول الإسباني في تصريح إعلامي نشر مؤخرا، عن كون الموضوع تمت مناقشته فعلا مع المسؤولين المغاربة على المستوى الوزاري، خلال الاجتماع الأمني الرفيع، الذي انعقد بالرباط بداية شهر دجنبر الماضي، وجمع بين وزيري داخليتي البلدين. وأكد المسؤول الإسباني أنه سيتم إنشاء دوريات مشتركة، على مستوى المداخل الرسمية، أو المناطق المجاورة للغابات التي يحتمون بها، والتي تضم الأسلاك الشائكة. كما أشار أنطونيو نييطو أنه يمكن للعناصر الأمنية المغربية التواجد في الجانب الآخر من السياج، أي على التراب السبتي لمساعدة نظرائهم في صد تلك الهجمات. وقال المسؤول الإسباني، إنه سيتم توفير الإمكانيات البشرية والوسائل اللوجستيكية ، لهاته العمليات المشتركة التي ستتم على مستوى المنطقة، بهدف مطاردة المهاجرين السريين، وترصد حركاتهم ومعرفة لحظات قيامهم بعمليات الهجوم على السياجات، من خلال وسائل حديثة يمكنها رصد أي حركة أو محاولة تتم قبيل حدوثها.