عماد عبد الهادي-الخرطوم وضع الرئيس السوداني، عمر حسن البشير، جانبا فتوى هيئة علماء السودان، ومطالب بعض الفئات الداخلية بعدم سفره خارج البلاد، فنفذ زيارة خاطفة إلى إريتريا ، متحديا بها تهديدات المحكمة الجنائية الدولية ; ومدعيها العام , لويس مورينو أوكامبو ، بالقبض عليه حال خروجه من السودان. ويبدو أن الحكومة السودانية -وعلى الرغم من اعترافها بإمكانية أن يتعرض رئيسها لبعض المضايقات مما تسميها بقوى الاستعمار الجديد- قررت الاستمرار في برنامجه الاعتيادي دون انتظار لأي قرار لاحق من المحكمة بتحويل الأمر لمجلس الأمن الدولي أو تدخل الأخير لتأجيل القضية لعام قادم. وقد بررت الحكومة الخطوة بأنها طبيعية لأن السودان لا يعتد بقرار المحكمة الجناية الدولية ، وبالتالي المذكرة الصادرة منها باعتقال البشير. ونفى مستشار وزارة الإعلام السودانية , ربيع عبد العاطي، وصف الزيارة بأنها تحد للمجتمع الدولي "بقدر ما تأتي في السياق العادي للعلاقات بين البلدين". وقال إن الزيارة لم تضع اعتبارا للمحكمة الجنائية الدولية "، بل ستسير الأمور عادية وكما هو مخطط لها ، لأن السودان لم يعتد بإجراءات المحكمة ولن يفعل ذلك". واستبعد أن تكون الخطوة تجاهلا لفتوى هيئة علماء السودان، التي طالبت الرئيس بعدم السفر. وقال إن الفتوى صدرت من جهة غير حكومية "وإن مصدريها نظروا إلى الأمر من الناحية الفقهية" لكنها -أي الفتوى- "غير ملزمة للحكومة، ولا علاقة لها بالقرار الحكومي ولا تحدده، ولا تمثل إلا تنويرا جاء من جهة حادبة على سلامة الرئيس". غير أن الخبير الأمني حسن بيومي، اعتبر أن الزيارة كانت محفوفة بكثير من المخاطر لوجود قواعد عسكرية أميركية بالمنطقة، مشيرا إلى الخطورة الكبيرة لهذه الخطوة بحسب تعبيره. وقال للجزيرة نت إن الزيارة تدخل في إطار التحدي الذي أعلنه السودان لقرار المحكمة الجنائية الدولية، وما كان على الحكومة أن تخاطر بهذه الزيارة على الأقل في الوقت الراهن. لكنه استدرك قائلا "لكن لكل رئيس حساباته الخاصة , ولديه من المعلومات ما يجعله يتخذ القرار المناسب" ، وأضاف "الذين يعرفون الرئيس البشير وطبيعته لا يستبعدون مثل هذه الخطوة". أما المحلل السياسي ، محمد علي سعيد , فاعتبر أن تحدي الرئيس البشير وتجاهله لقرار المحكمة الجنائية الدولية، جاء نتيجة للمساندة التي أعلنتها الدول الأفريقية والعربية والإسلامية، بالإضافة إلى روسيا والصين وعدد من الدول الآسيوية. وقال إن هذا الدعم "ربما يضمن للبشير سفرا مأمونا في الفضاءات الواسعة لهذه الدول"، مشيرا إلى أن أيا من الدول الرافضة لن تفكر في تسليمه أو التعاون مع المحكمة الجنائية في ذلك. واستبعد سعيد أن تسمح أي دولة من دول الرفض لأي طائرات أجنبية باعتراض طائرة البشير على أجوائها.