انعكس الإضراب الأخير الذي قام به عمال النظافة التابعين لشركة أفيردا ، والذي جرى قبل بضعة أسابيع ، على واقع النظافة بعمالة الحي الحسني ، حيث انتشرت الأزبال في مختلف الأزقة والدواوير والأمكنة ، وهو ما دفع بعض الفاعلين إلى التساؤل عن خلفية عدم تحسن خدمات شركة أفيردا ، رغم مرور وقت لابأس به عن طرح مديرها لتعهداته بإحداث ثورة في مجال جمع النفايات واستعمال آليات تتوفر على آخر التكنولوجيات الحديثة المعمول بها في القطاع لتنظيف الأزقة والشوارع والأحياء ، أمام المنتخبين ومختلف المسؤولين بمقر عمالة الحي الحسني ، بحضور عاملة عمالة مقاطعة الحي الحسني . فضعف تجديد الأسطول وعدم توفير الآليات اللازمة ،ووسائل العمل انعكس سلبا على النظافة بتراب العمالة ، بحيث أن شاحنة تنظيف الشوارع تقتصر فقط على بعض الشوارع المحظوظة قرب مقر العمالة أو بعض مقاطع الشوارع ، دون أن يشمل التنظيف جل شوارع العمالة ، وهذا شيء يشهد به الجميع . كما أن الشركة لم تلتزم بتعهداتها بتنظيف أماكن وضع البالوعات كل ثلاثة أيام ، وعدم توفيرها للبالوعات الضرورية الصالحة ، وعدم استبدال الحاويات الكبيرة المهترئة الموجودة بالدواوير، بأخرى صالحة. وغير بعيد عن مقر عمالة الحي الحسني ، ومستشفى الشيخ زايد والقطب المالي للدارالبيضاء ، شاهد المارة ، قرب حي السلام ،بعض الأبقار والأغنام والماعز وهي تأكل من الأزبال ،وقت الإضراب الأخير الذي قام به عمال النظافة التابعين لشركة أفيردا ، بل الأكثر من ذلك أن تلك الدواب تلجأ في حالة عدم وجود الأزبال إلى المساحات الخضراء الجديدة ، والأمر ينطبق كذلك على بعض الدواوير والمناطق الأخرى بتراب العمالة . والغريب في الأمر ، حسب الفاعلين أن الشركة تتمادى في عدم تنفيد تعهداتها ، دون تدخل الجهات المسؤولة من مقاطعة ومجلس المدينة وسلطة . ومن جهة أخرى صرح للجريدة بعض عمال شركة أفيردا ، أن هذه الأخيرة تستغل علاقتها الجيدة مع السلطة وبعض المسؤولين النقابيين، الذين يستفيدون من الشركة بطرق مختلفة ، لاضطهاد العمال وتهميشهم من خلال عمليات الاقتطاعات المالية غير المبررة و الاقتطاعات من" البريم " او العلاوات ، وعدم تأدية الساعات الإضافية ، و الابتزاز والتوقيف و التهديد بالطرد ، وعدم احترام قانون الشغل . وقد تحولت إحدى النقابات المقربة من حزب الأصالة والمعاصرة ، إلى أداة في يد شركة أفيردا ضد العمال المظلومين . وإذا كانت الشركة تقول عن نفسها بأنها مجموعة دولية تتواجد ببعض دول إفريقيا والشرق الأوسط ، وتشتغل وفق المعايير الدولية ، فإن واقع الحال بعمالة الحي الحسني وبالدارالبيضاء ، ينفي صحة ذلك ، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع الموارد البشرية . فالعمال المساكين، الذين يستحقون التكريم بكونهم يجمعون أوساخ وأزبال الأغنياء والفقراء على السواء ، والذين يجوبون الأزقة والشوارع وهم حاملون على أكتافهم إسم وشعار الشركة ، لا يتمتعون بما يتمتع به زملاؤهم على المستوى الدولي ، سواء من حيث التغذية الصحية والاحتياطات الطبية ووسائل العمل الوقائية ، وما إلى ذلك .. ويذكر أن شكايات سابقة ، أشارت إلى أن الحاويات الحديدية و عدم تنظيف التجهيزات المخصصة لوضع النفايات، أصبحت هي في حد ذاتها عبارة عن نقط سوداء بالعديد من الأمكنة بتراب العمالة ، علاوة على ضعف عدد الحاويات وعدم توفير الشركة للعدد الكافي من الشاحنات لجمع النفايات وإقصاء بعض الأزقة بتراب عمالة الحي الحسني.. وقد حاولت الجريدة ، الاتصال بدون جدوى بهاتف المقر الإداري لشركة أفيردا المتواجد بحي الأعمال بتجزئة سيدي معروف بالدارالبيضاء ، حيث يرد فيه الهاتف الآلي ، ويستحيل معه الاتصال بأي مسؤول أو مسؤولي الشركة ، وهو ما يعكس نوعية أسلوب الشركة غير الشفاف. فهل السلوك المذكور لشركة أفيردا ، يعني الرجوع إلى الوراء بقطاع النظافة إلى أسلوب التلاعبات الخطير الذي سبق أن عرفه قطاع النظافة في عهد المجلس الجماعي لمدينة الدارالبيضاء السابق ، مع فرع شركة " سويز" الفرنسية التي تمتلك شركة " ليديك " لتوزيع الماء والكهرباءو شركة "سيطا" للنظافة ، هذه الأخيرة التي مازالت تقتسم الدارالبيضاء مع شركة " أفيردا " الدولية ذات المنشإ اللبناني ، بحيث أن شركة " سيطا " تتولى جمع الأزبال بكل من البرنوصي ، عين السبع ، سيدي عثمان مولاي رشيد ، في حين تتولى " أفيردا " جمع الأزبال بكل من االحي الحسني ،عين الشق أنفا ، درب السلطان الفداء . فالتحقيق الذي تم إنجازه من طرف الجريدة ، اقتصر على عمالة الحي الحسني ، وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن العمالات الأخرى التي تتواجد بها شركة " أفيردا " ، ليست بها مشاكل ، بل أن نفس اللوبيات النقابية والإدارية المتواطئة مع الشركة لها حضور فعلي مع الشركة في مناطق نفودها .. وإذا كان موضوع صفقة " أفيردا " للتدبير المفوض لقطاع النظافة ، مع المجلس الجماعي لمدينة الدارالبيضاء ، لم يتم تقييمه بعد ، في إطار المجلس الجماعي الجديد، من حيث ارتفاع التكلفة المالية ونوعية الخدمات المقدمة ، فإنه ومن باب التذكير ، فقد سبق لشركة " أفيردا " أن وجهت لها عدة انتقادات في لبنان موطنها الأصلي بخصوص ارتفاع التكلفة المالية وضعف خدماتها ، وحصولها على الصفقات من خلال نفود بعض مسؤولي أحد التكتلات السياسية بلبنان . إن السلطة المفوضة ، التي هي مجلس الجماعة الحضرية للدارالبيضاء والمقاطعة التي تمثل المنتخبين الذين يمثلون بدورهم السكان ، ملزمة بالقيام بدورها بخصوص تنفيد الشركة لبنود دفتر التحملات وتعهداتها ،وإعادة تقييم الجوانب المالية ، والزامية حماية كرامة العمال و قانون الشغل ، كما أن الأمر يعني السلطة الإدارية التي تمثل سلطة الوصاية والتي لها نفوذ قوي على شركة أفيردا ، والتي ينبغي أن تسهر على تطبيق القانون وعدم التماهي مع الشركة في انحرافاتها المضرة بالساكنة وبالعمال.