من المدينة المحرمة وسط بكين مقر أباطرة الصين القدماء, انطلقت يوم الأربعاء رحلة الشعلة الأولمبية في العاصمة الصينية في محطتها النهائية قبل أن تصل في الساعة الثامنة ليلا من يوم غد الجمعة إلى موقدها في ملعب "عش الطيور" الذي سيحتضن حفل افتتاح الدورة ال29 للاولمبياد. وكان يانغ لي وي أول رائد فضاء صيني هو أول من حمل الشعلة بعد أن تسلمها من ليو تشي رئيس لجنة بكين المنظمة للألعاب في حفل ضخم نظم بساحة تيان آن مين, وسيتناوب عليها في هذا الطواف الذي سيستغرق ثلاثة أيام عبر سبعة أحياء مرورا بالمعالم البارزة بالمدينة841 شخص. وانطلق مسار الشعلة التي قطعت137 ألف كلم في أطول رحلة لها حول العالم في24 مارس الماضي في أثينا موطن الألعاب الأولمبية, بعنوان (رحلة الوئام) وتحت شعار "اشعلوا النار وشاركوا في تحقيق حلمكم". وقبل تسليمها إلى لجنة بكين الأولمبية في30 مارس الماضي في ملعب البانتيون في أثينا, حيث أقيمت أول ألعاب أولمبية حديثة في عام1896 , مرت الشعلة عبر16 محافظة و43 بلدية و12 حيا وأربع مناطق عبر اليونان وتناوب على حملها605 مواطن. ومن بكين انطلقت الشعلة في ال31 من مارس مرورا ب22 مدينة في القارات الخمس و113 ومنطقة داخل الصين, قبل أن تعود يوم الثلاثاء5 غشت الى بكين في آخر رحلة لها. وشملت رحلة الشعلة على الصعيد الدولي كلا من ألما آتا واستنبول وسان بطرسبورغ ولندن وباريس وسان فرانسيسكو وبوينوس إيريس ودار السلام ومسقط وإسلام أباد وبومباي وبانكوك وكوالالمبور وجاكارتا وكانبيرا وناغانو وسيول وبيونغ يانغ وهوشي مينه سيتي وتايبي وهونغ كونغ وماكاو قبل الدخول الى البر الصيني الرئيسي, حيث طافت في غالبية المدن والمحافظات الصينية. وطيلة مسارها بلغ عدد حاملي الشعلة في135 مدينة في الصين والعالم نحو22 ألف شخص, ما يؤهلها لأن تكون أحد أروع الفصول في تاريخ الحركة الأولمبية. وعرفت الشعلة بالخصوص في أوروبا الكثير من المشاكل, حيث اعترضها مناهضون للصين وناشطون حقوقيون داعين إلى مقاطعة الصين ومتهمينها بانتهاك حقوق الإنسان, وكانت أسوا محطات الشعلة في لندن وباريس, ففي لندن حاول المتظاهرون اختطافها مما حدا بالسلطات إلى إجراء تعديلات على مسارها. وفي باريس اعترض ناشطون مسارها ووقعت صدامات بينهم وبين الشرطة, بعد أن أجبروا حامليها على إطفائها ثلاث مرات, وإلغاء المراحل الأخيرة في المسار. وفي الولاياتالمتحدة اضطرت السلطات الى تغيير مسارها لإبعادها عن آلاف المتظاهرين الذين احتشدوا قرب شاطئ خليج سان فرانسيسكو للتعبير عن احتجاجهم. وقد حرص منظمو اولمبياد بكين على أن تكون شعلة الدورة ال29 مميزة وتعكس الخصائص الثقافية الصينية, فقد صنعوا الشعلة من مادة الألمونيوم ويبلغ طولها72 سنتم ووزنها985 غرام, وجاء تصميمها عبارة عن لفافة مطوية على شكل مخروطي من ورق الصحف "إشارة الى أن الصين هي صاحبة اختراعي الورق والطباعة" وتحمل زخارف حلزونية تقليدية و"رسم غيوم السعد". أما التكنولوجيات المستخدمة فيها, فتستهدف جعل الشعلة موقدة وسط رياح وأمطار لمدة15 دقيقة. وتستغرق مراسم إيقاد الشعلة الأولمبية15 دقيقة وأطلق عليها "السحاب المبارك".