يتفق الأطباء والباحثون الاجتماعيون على أن الأشخاص اللذين يعيشون مراحل طويلة من الحب والسعادة، يتمتعون بصحة جيدة أكثر من غيرهم. كما يطول عمرهم في الحياة. ماذا يمكن القول عن ظاهرة الحب ؟ لم يتوقف حديث الإنسانية عن الحب، وربما كان الموضوع الأكثر تداولا بين الناس، سواء كانوا من الكتاب أو الشعراء أو المغنيين أو غيرهم من الرومانسيين في كل أنحاء العالم. لا ينتج الحب أبدا عن اختيار، فهذا الشعور مستقل عن كل إرادة أو يكاد ذلك. فما هو الحب بالضبط ؟ الشرح المبسط يعني ارتباطا وتعاطفا بكل قريب، بمعنى الأبوين، الشريك، الطفل، الحيوان وحتى مجرد شيء عادي. وأن تحب، معناه أن تبرز عاطفة وإعجابا وارتباطا وأيضا تقديرا نحو من تحب، وبذلك فالحب عطاء وليس أخذا. والحب في دلالاته العميقة يقوم على توسل رضى الحبيب، وفتح القلب لاحتضانه والعمل على إسعاده. فهو يجمع بين القوة والصحة والجمال ! وهو جزء من منطق الحياة، ولكنه لا يخضع إلا للعاطفة. الحب هو محرك الحياة، فهو القادر على جمع القوى المتفرقة لتصير موحدة متحركة وأكثر انسجاما، وبالتالي أكثر قوة. والحب عنصر بناء، مثل الصداقة، ولذلك لا يمكن تصور الحياة دونه. فهو يفتح الصدر، ويدخل الطمأنينة إلى القلب، ويرفع من مستوى الصحة، ويقرب المرء أكثر إلى السعادة. والسعادة هي الشعور بالراحة والطمأنينة والصحة والسلام الداخلي والرضا على الوضعية الاجتماعية والمهنية والمعنوية والروحية. وضعية السعادة ديناميكية، وليست وضعية جامدة. ولا يمكن حصرها فقط في محيط حياة عائلية متوازنة، بل مدلولها يتعدى هذا الإطار الاجتماعي، ليهم كافة ميادين وجوانب الحياة. السعادة والشقاء مفهومان غالبا ما يسيران معا. فلا يمكننا إثارة أحدهما دون الآخر. ويصعب في الحقيقة تصور انحصار السعادة على فئة ما من المجتمع دون أخرى، لأن هذه الأخيرة سوف تعمل، في الأمد الطويل أو القصير، على تعكير جو الفئة المحظوظة. فالسعادة تكون إذن شاملة أو لا تكون. حينما يصيب البؤس والشقاء شخصا أو فئة من المجتمع، فسبب ذلك يرجع إلى ضعف وهشاشة صحة هذا الشخص أو هذه الفئة، وليس شخصا آخر أو فئة أخرى. السعادة تتوافق وتؤدي إلى البناء الإيجابي، بينما البِؤس يتوافق ويؤدي إلى الدمار والخراب. فالأشخاص السعداء يبنون ويشيدون من أجل تعزيز وضعيتهم هذه، وضمان رفاهيتهم ومستقبلهم. ولكي يبلغ مضمون السعادة مدلوله الحقيقي، يجب أن يعم الجميع. فمن واجب كل واحد منا أن يعمل على تحقيق هذا الهدف النبيل دون أنانية مفرطة، من أجل تعميم التعايش السليم والصحة الجيدة.