رشيد زمهوط شارك ممثلون عن بعض المنظمات الشبابية التابعة لأحزاب مغربية في ندوة رعاها أخيرا بأحد فنادق العاصمة المعهد الديمقراطي الأمريكي للشؤون الدولية المقرب من الحزب الديمقراطي الحاكم بالولاياتالمتحدة وكان موضوعها «دور اللجان الشبابية داخل الأحزاب السياسية» وقبلها كان نفس المعهد قد أطر ندوات أخرى تهم مختلف مجالات الممارسة السياسية بالمغرب والتقى واستمع ووجه قيادات سياسية شبابية ونسائية مغربية نحو الاقتناع وتبني جملة من الأهداف التي يضعها المركز ضمن أولويات حضوره الوازن والمؤثر بالمغرب والتي تخدم في البداية والنهاية مصالح وتصورات الادارة الأمريكية بالمنطقة تحت غطاء دعم مسلسل الديمقراطية الناشئة بالمغرب. ومنذ قرابة الأربع سنوات تتحرك العديد من الهيئات والمؤسسات التابعة لمختلف أسلاك الادارة الأمريكية بشكل نشيط في المغرب لربط الاتصال بمختلف المكونات الصحفية والمدنية المؤثرة في الرأي العام المحلي في محاولة لإشراكها في أجندة برامجها بالمغرب. وكانت هيئات حقوقية وثقافية وإعلامية تتصدرها النقابة الوطنية للصحافة المغربية قد عبرت ضمن مبادرة مشتركة عن رفضها التمويلات الأمريكية في مجالات الإعلام والدعاية السياسية والتي تستهدف في نظرها الاختراق السياسي والإعلامي للمجتمع المغربي، بهدف تدجينه وتمرير الخطة الإمبريالية الأمريكية حول الشرق الأوسط الكبير، والتي جاءت في سياق تحضير وتنفيذ احتلالها للعراق. ونادت الهيئات المتبنية لهذا الموقف إلى مقاطعة كل البرامج والمشاريع الإعلامية والسياسية للإدارة الأمريكية والمصالح والوكالات والمراكز المرتبطة بها. وضمن نفس المسعى عبرت نقابة الصحفيين مرات عديدة عن رفضها لمبادرة الشراكة في الشرق الأوسط والمتضمنة لتمويلات نقدية وعينية للصحافة المغربية اقترحتها مصالح السفارة الأمريكية على المكتب الوطني للنقابة بواسطة الوكالة الأمريكية للتنمية. وأمام إصرار النقابة على موقفها الرافض بادرت مصالح السفارة إلى ربط الاتصال مباشرة بمؤسسات إعلامية طيعة وصحفيين «موالين» بالجهات لتمرير المخطط الأمريكي الذي لا تخفى على أحد مقاصده الاستخباراتية والسياسية كورقة ضغط سياسية تستخدم عند الحاجة. وتحاول الادارة الأمريكية من خلال البرامج الموجهة للاعلاميين وناشطين جمعويين إلى تلميع صورتها المهتزة لدى الرأي العام المغربي والعربي في أعقاب أحداث وحروب منطقة الشرق الأوسط والخليج مولية إهتماما خاصا لقادة الرأي العام المحلي والجهوي من صحفيين ومسؤولين جمعويين تخصص لهم برامج زيارات متواترة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية وتمنح لهم من تحت الطاولة شيكات مغرية بالدولار إضافة إلى امتيازات أخرى ويخضعون لبرنامج متابعة وتكوين خاص يؤهلهم في ما بعد للاضطلاع بمهام «خاصة» لفائدة الادارة الأمريكية بدءا من سبر آراء المجتمعات المحلية حول قضايا محددة أو تهييء الرأي العام المحلي لخطوات ومبادرات أمريكية محلية تنفذ تحت غطاء إنساني أو ثقافي أو تنموي. والغريب في الأمر أن قانون الصحافة المغربي يجرم التمويل الأجنبي للجرائد والمؤسسات الاعلامية المغربية كما أن المشرع المغربي يقيد شروط وكيفيات الحصول على أموال أجنبية والحال أن ملايين الدولارات الأمريكية تضخ عبر أرصدة شخصية لفاعلين إعلاميين أو مدنيين. وجدير بالذكر أن الحكومة المغربية في شخص وزارة الخارجية كانت قد وجهت مذكرة إلى التمثيليات الديبلوماسية المعتمدة في المغرب تذكرها بالأعراف الجاري بها العمل في تعاملها مع الجمعيات والأشخاص الذاتيين. وعلى الرغم من قلق السلطات المغربية من تنامي نشاط وتغلغل هذه الأطراف في المجتمع المدني والسياسي وتزايد الأنشطة الأجنبية بالمغرب فإن الأجهزة الأمنية المغربية تقتصر على مراقبة الوضع عن قرب وإعداد التقارير الإدارية لتظل مسؤولية وأدوار المجتمع المدني والسياسي مطلوبة بإلحاح لمواجهة مختلف أشكال الاختراقات التي تحاول توظيف حركية المجتمع المغربي في هذه الظرفية الحساسة لخدمة أغراض وأهداف مشبوهة.