إهداءٌ : للرّاحِلِين .. خُذونِي -كاملةً- معكُم فلا حَاجة لِي بمنْ يأخذُ نِصفِي ويتركُ لِي نصفاً لا أدرِي ما أفعلُ به .. أ أحيَا أم أمُوت ..؟ "زمَّ مطِيّه, وشدّ الركَائِب وعزمَ الرّحِيل فابتاع تذكرةَ ذهابٍ لوطنهِ المفقُود.. تملَّص مِن طُقوس الودَاع كما تتملصُ الشعرةُ مِن العجِين... واكْتفَى بهمهمةٍ تشِي بنصفِ وعدٍ بالعودةِ قريباً...! حِين امتطَى الطَائرةَ استوتْ أمامهُ مناكِبُ وسُهول مَاكان وطناً في الأمسِ القرِيب.. وتَبدتْ لذاكِرته صُورته وقدْ نزَل من الطائِرة شارخاً لأرضٍ حسِبها مِصباحَ علاء الدِين يمنحهُ ما يبتغِي ثُم يرحَل قافلاً من حيثُ أتَى.. ولكِن مِصبَاح الأُمنِياتِ لا يعترفُ بفلسفةِ العطَاءِ وحدهَا بل بالأخذِ قبلَ العَطاءِ... فاستنزفهُ المِصباحُ أيمَا استنزافٍ قبلَ أن يدِر عليهِ ببضعِ ترفٍ أغناهُ بدايةً عن تذكُرِ مسقطِ الرأسِ ومنبتهِ ومرعَاهُ... إلَى أنْ غَفى ذَات ليلةٍ فاستيقظَ مفزُوعاً لا يلوِي على شيءٍ..! انتشلهُ صوتُ الكابتِن من عُمقِ رحلتِه لمُدن الذَاكِرة القصِية, مُعلناً وُصول الطائرةِ للمكانِ المنشُود.. نزَلَ وشهِقَ الهَواءَ كما لو أنه يشهقُه لأولِ مرةٍ... وزفرَ 3 عُقودٍ, ونصفَ وعدِ بالعودة...! "
همسة تخُونُني العنَاوِين دوماً.. سواءٌ أ كنتُ أكتُب رِسالةً أم نصاً.. تخونُني العناوِين أو أنِي أخُونها.. لا أدرِي من يخُون الآخرَ بالتحدِيد.. كُل ما أدرِيه أن العنَاوِين نصفُ القِصص ..!