كيف يمكن الخروج من الاستبداد والانخراط بالسرعة المطلوبة في الديمقراطية بدون ثقافة ومؤهلات ديمقراطية؟ وماذا عن مطالب الإصلاح والتحديث؟ كيف يمكن تحويلها من شعارات إلى انتظارات جماعية؟ وهل من يحملها يمتلك ما يلزم من الجاهزية الفكرية والبشرية لترجمة ما هو افتراضي إلى ممارسات وإنجازات محققة؟ ثم ماذا عن هذا المد الاحتجاجي "الثوري" الذي يعرفه العالم العربي؟ هل يصدر فعلا عن فكر جديد "ثوري" يبشر ببدائل مغايرة لما يسود في الاقتصاد والسياسة والثقافة؟ أم أن ما نشهده من حراك لا يعدو كونه انفجارا غاضبا ضد الفساد والاستبداد لا تؤطره أية مرجعية فكرية أو ثقافية؟ لكن ماذا عن كلفة الديمقراطية؟ أليست لهذه الأخيرة كلفة لا بد من دفعها على أساس أنه ليس لدينا من خيار ثالث: إما الانخراط في مجهود جماعي توافقي لبناء أسس مجال سياسي عصري، وإما التحايل على هذا الحراك الكبير والالتفاف على أهدافه بتركيز صيغ جديدة لاستبداد مقنع؟ وأخيرا ماذا عن دور الإعلام؟ ففي غياب التأطير الثقافي والفكري، يحضر بالمقابل وبقوة الاستغلال الإعلامي لهذا الحراك. فلماذا ظلت طُرق المعالجة تتراوح ما بين التحريض من جهة والتبرير من جهة أخرى؟ ألا يمكن الزعم اليوم أن المسافة المهنية من الحدث هي أول ضحايا التعاطي الإعلامي مع الحراك العربي؟ أسئلة صعبة ساخنة يطرحها الحراك العربي الراهن، لكن المفكر المغربي محمد نور الدين أفاية عرف كيف يشتبك معها بالكثير من الهدوء والوضوح الفكري في كتابه الجديد (التفاؤل المعلق: التسلطية والتباسات الديمقراطية في الخطاب العربي الراهن) الصادر حديثا عن منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط. في مشارف هذا الأسبوع سيتوقف ياسين عدنان عند أهم قضايا (التفاؤل المعلق) وأكثر أسئلته سخونة مع مؤلفه الدكتور محمد نور الدين أفاية مساء الأربعاء 6 يونيو على الساعة الحادية عشرة والنصف ليلا على شاشة الأولى.