باسم الله الرحمن الرحيم أخواتي، إِخواني زميلاتي، زملائي المبدعين والفنانين والفاعلين في الحقل الثقافي والفني والاجتماعي، لا أعرف ما الذي أَقولُه أَمام هَوْلِ ماجرى ويجري في غزة، على أَرض فلسطين الدامية الجريحة المُحْزِنَة ؛ وأَمام هَوْلِ الدماء الطاهرة التي تَدفَّقَت بفعل العُدْوانِ والغَطْرَسَةِ والهَمَجية العسكرية الإسرائيلية. هل نبكي ؟ وهل ينفَعُ الدمع ؟ هل نصرخ ؟ لكَمْ رفَعْنَا الأصواتَ محْتَجِّين مُسْتَنْكِرِين، والعَالَم كُلُّه الذي ما زال ضَميرُه يَقِظاً حيّاً رفَعَ صَوْتَه بالتنديد والاستنكار لهذه البَرْبَرية التي تُوصَف. وحتى مَنْ تَعَوَّدَ رَفَعَ يَدِهِ بالفِيتُو في مجلس الأَمن اكتفى بالامتناع من التصويت تحت ضغط الرأي العام الدولي المتضامن بلا شروط مع الشعب الفلسطيني ومع صمود غزة وجُرْحها. ولأنَّ ضمائِرنَا مازالت حيَّةً، ولأنَّ فلسطين تَنْبُضُ في شرايين وقُلوبِ المغاربة جميعاً وبدون استثناء، التَحَمتِ الإِراداتُ الوطنية بكل مكوناتها الشعبية والرسمية لإِبراز روح التضامن ولممارسة الضغط المعنوي والرمزي. وهانحن نلتقي من جديد كمبدعين وكمثقفين نؤكد على هذه الروح المتضامنة التي ميزت على الدوام شعبَنا وبلادَنا، حيث رفَعَ المغاربة أَصواتهم ورؤوسهم عاليةً من أَجل القضية العربية الأولى التي اعتبرناها قضيةً وطنيةً. والحَقَّ أن علينا كفنانين أَن نَرْقَى بروح التضامن، وبغضبنا العميق، وكذا بما يحيط أمتنا العربية من قُسوةٍ أَحياناً، ومن عجز أَحياناً أخرى، إِلى مستوى التعبير الفني والإبداعي. ذلك لأن الفنان أو المبدع حين يُحوِّل غَضَبه وتضامنَه والتزامُه إِلى مادةٍ فنيةٍ وجماليةٍ يذْهَبُ بها عميقاً إِلى وجدان الناس ووعيهم الفردي والجَمَاعي. ولنا هُنا أن نتذكر جميعاً ما فَعَلَه بنا الشّعْر والرواية والمسرحية والأغنية والفيلم السينمائي والدراما التلفزيونية وغيرها من الفنون التي حولت الالتزام السياسي إلى التزامٍ إنساني وأَخلاقي وإبداعي رَاقٍ. إِن الفنان المغربي، والمبدع المغربي، والمثقف المغربي، والمفكر المغربي هم حراسُ وَعْينَا الجَمَاعي، هم الذين يعطون لالتزامات أمتنا، بقيادتها المُتَبَصّرة ورموزها الكبار وثوابتها الوطنية والقومية، العُمْقَ الذي تستحقُّه. إننا مع شعبنا العربي الصامد الجريح في غزة وفي كامل التراب الفلسطيني. وإِننا لنجدّد استنكار شعبنا وحكومتنا للهمجية الإسرائيلية. المجد والخلود لشهداء فلسطين في غزة، وما ضاع حقٌّ وراءَه طالِب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.