لبى المبدعون المغاربة نداء التضامن مع غزة في أمسية كبرى احتضنها مساء الأربعاء مسرح محمد الخامس بالرباط الذي اكتسى حلة الحداد على شهداء القطاع والتعبئة لتعزيز صمود الفلسطينيين ضد العدوان الإسرائيلي. وشحذت مجموعة من الفنانين، تشكيليين وموسيقيين ومسرحيين وشعراء، قرائحها ومواهبها من أجل تقديم إبداعات تحمل رسالة الشعب المغربي والضمير الإنساني ضد استمرار آلة الحرب الإسرائيلية في تقتيل المدنيين العزل بقطاع غزة. وتنوعت فقرات الأمسية بين تقديم لوحات فنية وقراءات شعرية ومشاهد مسرحية ومقطوعات غنائية تحدثت جميعها لغة التضامن مع غزة والتنديد بالعدوان الإسرائيلي الغاشم. وقدم عبد الحق الزروالي مشهدا من مسرحية "سرحان المنسي" التي كان قد عرضها بفلسطين سنة1997 ، وغنى عبد الهادي بلخياط وحياة الإدريسي ورشيد برومي للصمود الفلسطيني ضد بطش الاحتلال، وقرأ عبد الحميد جماهري وأحمد الطيب العلج وبنعبد الله الجندي قصائد من وحي المحنة. وقال الزروالي ، إنه أمام الأمر الواقع المتمثل في استباحة إسرائيل لفسطين ضدا على كل القيم والمواثيق، فإنه لا يبقى للفنان سوى واجب تسجيل الموقف الأخلاقي ضد هذا الواقع وتمرير الرسالة لأجيال المستقبل. واعتبر الزروالي أن الوضع في غزة كما تنقله الفضائيات يفوق كل خيالات الإبداع السينمائي، وبالتالي فهو يحرم المبدع من الهامش الذي اعتاد أن يستثمره بين الواقع والخيال، "فمأساوية حالة غزة تتفوق على أي إنجاز درامي مسرحي". وعرفت الأمسية أيضا عرض لوحات فنية اتشحت بلون الدماء الفلسطينية التي تنزف على أرض غزة، أبدعها حوالي عشرين رساما مغربيا من بينهم أسماء لامعة من قبيل فريد بلكاهية وفؤاد بلامين وعبد الحي الملاخ وعبد اللطيف الزين. وقالت وزيرة الثقافة ثريا جبران ، إن فلسطين تنبض في قلوب كل المغاربة مبرزة أن الإرادات الوطنية، الرسمية والشعبية، التحمت من أجل تقديم مختلف أشكال الدعم والتضامن مع أبناء غزة. وأوضحت الوزيرة ، التي رددت في كلمتها شعار "المجد والخلود لشهداء فلسطين"، أن المبدع هو من يحول غضبه إلى مادة فنية يذهب بها عميقا إلى وجدان الناس لتخلص إلى أن "المبدعين هم حراس وعينا الفردي والجماعي بالثوابت الوطنية والقومية". واستلهمت مقطعا من القصيدة الشهيرة "عابرون في كلام عابر" للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش "اخرجوا من أرضنا.. من برنا.. من بحرنا". وسجل حسن عبد الرحمان ، السفير الفلسطيني بالرباط ، أن المغاربة جعلوا من فلسطين قضية وطنية متعهدا بمواصلة الشعب الفلسطيني لكفاحه حتى تحقيق دولته المستقلة. وتابع الجمهور الحاشد الذي حج إلى الأمسية التضامنية فيلما وثائقيا بعنوان "قوس قزح" (2004 ) للمخرج الفلسطيني عبد السلام شهادة، يوثق شريطا طويلا من معاناة لا تنتهي لشعب يحب الحياة مع آلة قمعية إسرائيلية تقتل الأطفال وتنشر الدمار وتشق أنهارا من الدماء البريئة على أرض فلسطين.