تم بعد ظهر يوم الجمعة (30 دجنبر 2011)، بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية، عرضُ الشريط الوثائقي القصير: "همسات الأعالي" لمخرجه الأستاذ عامر الشرقي (إنتاج شركة أسطرلاب للإعلام)، أمام جمع من الطلبة والأساتذة والمهتمين. الشريط الذي سهر على عرضه، نادي السينما بالكلية، هو الثاني في فيلموغرافيا عامر، بعد شريطه الوثائقي القصير الأول: "ظلال الحب" الذي خصصه المخرج للشاعر محمد شاكر والفنان التشكيلي سعيد نجيمة. وقد نال شريط "همسات الأعالي" (وهو من 38 دقيقة)، الجائزة الكبرى في المهرجان الدولي "أسني نورغ" 2011 بأكادير، وهو الآن منتقىً ضمن اللائحة الرسمية (23 شريطا قصيرا) للدورة 13 للمهرجان الوطني للفلم بطنجة، التي ستنعقد ما بين 12 و21 يناير 2012 . وقد سبق أن عُرض في كل من تنغير (بالمركب الاجتماعي والتربوي) والرشيدية (بغرفة التجارة والصناعة). الشريط يوثق، بالصوت والصورة، لثلاثة وجوه من الوسط الشعبي بمنطقة الجنوب الشرقي لجهة مكناس/تافيلالت، ويتعلق الأمر بالشعراء والمهتمين بالتراث الشفوي والفني الأمازيغي بالمنطقة: 1 أوهاشم بوعزامة شاعر ومغن وعازف ماهر على آلة "الوتار"، من "ملعب" منطقة تنجداد (الرشيدية). 2 مولاي أحمد أو الطاهر، شاعر أيضا وخازن (في ذاكرته) لتاريخ الجهة وفنونها (أحيدوس خاصة)، من منطقة تنجداد كذلك. 3 عماري عمرو شاعر أيضا، جال في جهات المغرب منشطا لفن الحلقة، وهو من زاوية سيدي حمزة بمنطقة الريش (إقليم ميدلت). الوجوه الثلاثة ذاكرات، و"مكتبات متنقلة" للشعر والثقافة الشفوية الأمازيغية وأحداث المنطقة والمغرب.. تعاطف معها المخرج وأحب أشعارها وقدر بساطتها وإنسانيتها وحياتها المتواضعة البسيطة "المستورة" في أغوار الوسط الشعبي العميق، وأيضا أنفتها وتعففها وجرأتها وعزة نفسها، فجاء شريطه "قصيدة" مصورة جميلة (صوتا وصورة وموسيقى) طافحة بالحب والتقدير لما تمثله الشخصيات الثلاث كرموز (كنوز) للثقافة الشعبية الأصيلة بمنطقة الجنوب الشرقي المغربي. ومما ركز عليه المخرج في الشريط، إنشاد الشخصيات الثلاث( جميعهم بين 70 و80 من العمر) لأشعارهم الأمازيغية بدبلجة عربية راقية لها من قبل الفنان الرقيق الجميل، المثقف، الذي فارق الحياة وهو في ميعة الشباب، امبارك أولعربي المعروف ب"انبا" مؤسس ورئيس الفرقة الأمازيغية المشهورة "صاغرو باند" والذي أهدى المخرج لروحه شريطه. الأشعار معبرة وعميقة وتتناول قضايا إنسانية متنوعة وطنية ودينية واجتماعية ووجدانية... وينشدها أصحابها بنوع من الاعتزاز والتقدير لما تحمله من قيم إنسانية وجمالية عالية... مما أعجبت به في الشريط، تغني وإنشاد الفنان أوهاشم لأشعاره المصحوبة بعزفه على آلة الوتار، وذلك التوحد الصوفي الرائع بين الشاعر وآلته ومضمون أشعاره... تلا عرض الشريط مناقشة أتت بتساؤلات وتوضيحات مثرية للعرض وإشادات، عقّب عليها المخرج بالتطرق إلى نظرته للشريط الوثائقي عامة (الانحياز للبسطاء)، وحيثيات إنتاج "همسات الأعالي" وعلاقته بشخصياته... شكرا له ومزيدا من التألق.