هوى عن مسرح الحياة قبل ايام معدودة ، الكاتب والمؤرخ والمفكر والسياسي والمناضل المصري المخضرم احمد حمروش، بعد مشوار حياة عريض زاخر بالبذل والعطاء والنضال والكفاح والانتماء القومي والوطني والعروبي. يعد احمد حمروش احد ابرز رجالات الفكر والسياسة والصحافة والنضال والثورة في مصر . وقف في الصفوف الامامية ، وكان في طليعة ثورة الضباط الاحرار ، ثورة يوليو ، التي قادها الزعيم العربي القومي الخالد جمال عبد الناصر . وهو من الرموز الوطنية والسياسية والنضالية المهمة في التاريخ المصري الحديث وتاريخ الثورة بشكل خاص ، واحد القلائل من ضباط الجيش المصري الذين انتموا وانخرطوا في الحلقات الماركسية والمنظمات اليسارية في اربعينيات القرن المنصرم . كان احمد حمروش مناضلاً صلباً وجسوراً ، مناصراً لحركات التحرر الوطني، ومنحازاً للشعوب المظلومة والمضطهدة المتطلعة الى افق الحرية والاستقلال الوطني والعدل الاجتماعي، وفي طليعتها الشعب الفلسطيني الرازح تحت نير الاحتلال الاسرائيلي . ويقول عنه مريدوه واصدقاؤه انه كان انساناً وديعاً هادئاً طيباً ، تميز بدماثة الخلق والتواضع الانساني دون زيف وتكلف ، والتمسك بالقيم التي آمن بها ، قابضاً كالجمر على مواقفه المبدئية والعقائدية وافكاره السياسية ، التي لم يتخل عنها حتى الرمق الاخير من حياته. انتمى احمد حمروش الى اليسار التقدمي ، وشكل جسراً وطنياً موصلاً بين ثورة يوليو وتيار اليسار ، ولعب دوراً فاعلاً وبارزاً في الحياة السياسية والثقافية والكفاحية المصرية ، واعتبر من اكثر رموز الوطن وجيل الثورة تأثيراً على الاجيال الصاعدة والمتعاقبة. كان احمد حمروش مسؤولاً عن الضباط الاحرار في الاسكندرية ، واختير سكرتيراً عاماً للجنة المصرية للتضامن الافريقي الآسيوي عام 1984. عمل في الصحافة وترأس تحرير مجلة "التحرير" ومن ثم "الهدف" و"الكتائب" و"روز اليوسف" التي اشتغل فيها ردحاً طويلاً من الزمن وبقي يكتب فيها حتى وفاته. كما ترأس المسرح القومي، وله كتابين عنه وهما :"المسرح في خمس سنوات "و" المسرح في الكواليس". احمد حمروش من ابرز مؤرخي ثورة يوليو المجيدة ، وقد اصدر بهذا الشأن مؤلفه "ثورة يوليو وعقلية مصر" في عدة اجزاء، وفيه يسلط الاضواء على الثورة، ويحاول تقييمها من خلال الحوارات مع قادتها ،وممن عاصروا وواكبوا مسيرتها وشاركوا في صنعها ، والذين وقفوا منها موقف المفكر الحر . وبالاضافة لهذا المنجز التاريخي الهام وضع احمد حمروش وألف العديد من الكتب ،في السياسة والادب والفكر والفن والتاريخ ، وصل مجموعها الى خمس وعشرين سفراُ ، اهمها واشهرها :"حرب العصابات ، الانقلابات العسكرية، قصة الصحافة المصرية في مصر " فضلاً عن مقالاته ومداخلاته المنشورة في الادبيات المصرية ، وخاصة "روز اليوسف". فما اروعك واجملك ايها الصحفي والمناضل اليساري الحر احمد حمروش ، الوطن والثورة والنيل والقلب ، وما اغلاك على مصر وميدان التحرير ، الذي تفجرت فيه الثورة الجديدة ، التي اسقطت رمز الفساد والطغيان والاستبداد ، نظام مبارك . وبموتك ينطفى نجم آخر من كواكب مصر الثقافية والسياسية والاعلامية والنضالية والثورية، التي اضاءت العقول، بشعاع الفكر اليساري النير . وستبقى نبراساً وضاءً لكل الاحرار والمناضلين المقاتلين في سبيل الحرية والديمقراطية والعدالة حتى تتحقق اهدافهم واحلامهم..ووداعا .