في الشرفة الأمامية لمقهى 'الفضاء'، جلس إلى طاولة على كرسي وثير. بطنه المنتفخ يدفع الطاولة إلى الأمام. قفاه الأشبه ببطنه يتهدل على حافة الكرسي الخلفية. بين الفينة والأخرى، كان يمد يده إلى أسفل بطنه، ليحك قضيبه؛ أو ربما خصيتيه، كما كنت أفعل منذ طفولتي، ولا أزال. غيوم خفيفة تلبد السماء مساء هذا اليوم. اطمأن إلى أنها لن تغيث الناس بالمطر طالما إنه الصيف. لذلك اختار أن يجلس في الواجهة. اعتاد أن يفعل هكذا. فهو لا يقوى على مقاومة إغراءات شرفات المقاهي وواجهاتها، التي أضحى القانون يتغاضى عنها هذه الأيام. بنبرة استبدادية نادى النادل. عندما انتبه إليه، استجاءه بإشارة أصبعه. طلب مشروبا غازيا. أسرع النادل بطلبه إلى الكونتوار. مرر الجالس يده على بطنه المتهدل، كأنه يقيس مدى انتفاخه، بل ربما مدى التخمة التي أصابته بعد غذاء متأخر. هرع النادل بالمشروب الغازي. ملأ كأسا حتى 'القنانف'. صبّه في فمه دفعة واحدة، كما يفعل شاربو الجعة داخل الحانات. ثم أخرج من جيبه علبة سجائر وهاتفه المحمول. وضعهما على الطاولة. تناول سيجارة شقراء. أشعلها قبل أن يجيئه النادل بالمنفضة. صبّ ما تبقى من المشروب في الكأس. مدّ يده ثانية إلى أسفل بطنه. تململ قليلا فوق الكرسي. كتب رقما على شاشة الهاتف. ضغط على الزر. شرد بنظره، ماسحا الشارع. هاتفه معلق إلى الأذن. الهاتف يرنّ المرة تلو الأخرى. هناك على الرصيف المقابل، فتاة شبه عارية تمشي في تغنج. استغرق في متابعة ردفيها النشيطين. على الجهة الأخرى من الهاتف، أتى الصوت مترنحا : "ألو.." استفاق مما كان غارقا فيه. ارتبك قليلا قبل أن يجيب هو الآخر: "ألو.. كي داير؟" ودون أن ينتظر الإجابة، أضاف : "عندي ليك واحد الهمزة". تسود فترة صمت. ثم قال: "آجي دابا. أنا في القهوة المعلومة". تنقضي ثواني الصمت. انكمشت جبهته. قال بنبرة تأكيدية : "لا. لا. هاذ المرة عندي همزة نايضة. غير آجي". بحركة بطيئة، فصل الهاتف عن أذنه. ترنّح. طأطأ رأسه. حدّث نفسه : "همزة خاوية. تفووو". أراح الكرسي من جسمه الثقيل. أخرج من جيبه دريهمات ألقى بها على الطاولة. غادر المقهى في الاتجاه الذي سارت فيه الفتاة المتغنجة.