كنورس حزين تداري ألمها عن أعين النهار. تلوك أسئلة تتمخض في قفر غائص في الوحل. صوتها مبحوح من الشوق و الحنين ينتصب سكاكين في صمت الليل المدثر بالجراح. في همس مشتعل تردد انفجاراتها حين يغادرها الكلام و تنتصب الظلال شامخة تضحك، طليقة تبعثر شرودها في أوهام ، تبعث بها إلى أقاصي الطيش و تغرقها بخبث شديد في سفر مرايا تعانق خساراتها. تؤرقها الكلمات التي تختلط معانيها.تصالح القواميس تراجع المخطوطات و ترتدي عمائم الفقهاء، العلماء و حتى الدجالين. تتسلق أبراج الأوهام عن آخرها لعل المحال يسكن هناك وحده في قمة خطو مبحوح. ثم تمحو كل ما كتبت. تدوس على قلبها و مسوداتها و تخاصم ذاكرة تشتعل كلما أبصرت تعاويذ تحسبها أغنيات. هل تتوب عن جوعها لأسراره الصغيرة المحملة في ثنايا الكلام؟ كلمات تحاصرها، تخترقها، تغرقها في عاصفة من الأحاسيس تجر خلفها بحرا من التجاعيد. تختنق. تشعر أن كل ملح البحار منحبس في حلقها.
عري أنيق
ضجيج الدموع على رموشها و خديها يرسم أخاديد من حزن انفجر للتو. قررت ربما عن وعي أو حتى من دونه أن تغسل سنين المرارة. ربما جربت حظها في دروب الحياة فلم تجد إلا أدلة ساخرة على هستيريا جماعية. هي لحد الآن لا تعي ذلك أو تعيه و تتجاهله كي لا تتيه نهائيا في ضجيج الدموع و الحسرات. كل مرة ببراءة تامة تسقط في فخاخ الأماني التي تضحك منها بعد ذلك بمرارة شديدة. أمان تمتزج بإسفلت الشوارع الذي يذوب تحت حرارة شمس لا تطاق، تسقط تحت أشلاء ، تحت أسوار الغدر ، الخداع و اللامبالاة. أسلحتها البريئة التي تدجج بها براري بوصلتها يغطيها الغبار فتنجلي هي لنفسها عارية بأناقة شديدة كزهرة ممزقة تحت رعونة أنامل تكسوها الخواتم. تغريها الأسرار بالإنتظار فتلاعب الضجر بالسفر إلى متاه الإشتهاء. تسهر بدأب وإخلاص لتروي قناديل الليل ثم كالبرق تتحطم صورة الخلاص و يرقص الزيف على جماجم الفردوس المفقود. إذاك تشتعل الدموع و تنهار جدران القصبات الطائشة التي شيدتها ذات زمن لتداري مساحيق الحلم عن نوافذ المجهول.