أغلق الباب مغاضبا أحدث الصوت جلبة الفضول البديهي عن فحوى القلق المعلن على إيقاع النشيد الوطني تذكر الصبى والطفلة المكتنزة لرطوبة الأماكن الآسنة تذكر كل شيء وهو على مرمى تقاطع شارعين قريب من حدود النزاع القائم بين الجيران كادت إحدى السيارات أن تدوسه من فرط الهذيان والسيجارة الذابلة بين أصابعه تفرز خاصية التوتر المكشوف للأعداء والأصدقاء... أوقف منبه السيارة شريط أحلامه التائهة في ذاكرة أثقلها هم النسيان المفاجئ لقرار الإبعاد والإقصاء لاتحمل قلما أحمر في جيبك الأيسر ولا تضع نظارات شفافة تغير ملامح وجهك الرجولي وتدفعك الأحاسيس الجديدة لمعنى الإختيار لشخصية... الممثل الخارج عن مسرح الأحداث...وأصوات لا تمثل إلا نفسها في زحمة النجاة والفرار إلى ذات أنهكها تعب الإنتظار كانت الحرب أعلنت بداية اللوائح الطويلة لقائمة القتلى في زحمة الحياة السريعة نسي أن يتذكر وجهته نسي لماذا خرج في هذا الوقت بالذات ولم يكن وقت آخر حاول جاهدا أن يتذكر...لماذا وجد نفسه هنا ...خارج البيت حاول ثانية...إستعصى الأمر إلى حد ندم على لحظة الخروج وهذا الموقف المأساوي الذي وجد نفسه يواجه مصير النسيان المركب من عنصر المواجهة... لا يريد أن يكون صورة هامشية لأحداث الصراع في قلب المعركة يجد نفسه بطلا أسطوريا يحمي جبهات القتال...ويدفع الأذى عن نفسه في كبرياء متعال...وشموخ يسقط السيف في عتمة الجماجم القديمة تحملها خفافيش تاريخ مغاراة معزولة على حدود جزر موغلة في العذرية والكائنات الأولى ...قبل بدء الخليقة تراه يرى الوجوه في الصفوف الأولى من المارة لا يرى أحدا في ظل هذا الإنكماش الخرافي... يعيش عالمه بقوة الإحساس الممزوج بالوحدة القاتلة... والظلال المتعافية خلف أسوار قلاعه البعيدة ترمي نفسها للبحر...تطلب إغاثة مؤجلة لملايين السنين...ضاعت الرسالة...وانكسرت الزجاجة ولم تعد الرسالة إلى معنى الخطاب ولا فحوى الإنكسار تردد كثيرا في قول الحقيقة وهو ينظر إلى وجهه في زجاج النافذة المقابل لسكناه لم يعد يعرف وصف الكلام المعبر على صورة الشكل ولا المجاز الخفيف على ظل امراة لا ترتدي الا أنوثتها الفاضحة ربما لم يخرج من بيته شعر بالندم...كيف خرج...وما السبب كيف انا هنا في هذا المكان الذي لا اعرفه... تتشابه الوجوه والمنازل المتلاصقة تحن الى بعضها اكثر ما يحن الانسان لاخيه الانسان... حاول ان يستوعب الموقف والحرج النفسي الذي وضع فيه لكنه حاول جاهدا مرة اخرى ليتحسس وجه الذاكرة وامساك الامور حتى لا تخرج عن السيطرة التفت الى الجهة المقابلة لبيته...رفع راسه ليرى شكل النوافذ الحمام يقف على حافة الشرفة...يحدث ارتياكا عميقا في نفسه... لم يصدق ان الحمام يطير...ويعود الى النافذة... حاول ان يتذكر كل شيء...تفاصيل بيته من الداخل... لكن حركات الحمام المتكررة افسدت عليه فسحة الادراك وجمع شتات المفكرة...ووضع الصورة في مكانها المالوف تضيع الاشياء منه بسرعة كبيرة... اختفى الحمام على مرمى النافذة... تذكر انه خارج البيت...وعليه معرفة وجوده هنا. ماذا افعل بجسدي الذي يدفعني لقول الحقيقة اضيع في متاهات الاسئلة المحرجة والمطابات المضحكة... يشتد ايقاع الصورة الهاربة...تنزلق الكلمات المعبرة... اتيه في ضوضاء الناس وضجيج الحياة الجديدة... هل انا من هنا...من هذه البلاد اعرف كل شيء...اتذكر كل شيء... فكر في هذا الوضع...ولم يستسلم...عاود المشي عساه ان يعرف احدا او شخصا او شيء يدله على هذا المكان الذي وجد نفسه-بشكل من الاشكال-داخله... خطى خطوات مشدودة كما يريد ان يعود الى الوراء وفي لحظة السير المتثاقل لاحظ وجود كشك في الجوار الان...بدا يتذكر كل شيء... -انه بائع الجرائد...ساذهب لاقتناء جريدتي المفضلة لقد تعود كل صباح قراءة الجريدة...نظرالى صاحب الكشك فعرفه على الفور احس في داخله بثقة كبيرة وهو يحمل الجريدة في يده هكذا تكون الامور بسيطة الى حد التفاهة...وتتعفد خيوط الحياة لمجرد انفلات احدى هذه الخيوط التي تربطنا بالذات وبالوجود اعاد النظر في المحلات...والاماكن المالوفة ...تعرف على كل شيء فكر في العودة الى البيت ليتاكد من فكرة الانفراج الذهني وصفاء الروح بعد تشويش قليل... اراد العودة الى البيت ليصدق حقيقة نفسه وان كل شيء على ما يرام اردت ان تعود الفرحة الى داخلي. ابتهج فليلا ولو لفترة معينة اتيه في عوامل الاحساس الغريب بالوحدة في ظل صخب الشوارع الشاردة اقترب من البيت...تطلع الى نوافذ شقته...شعر ان الوقت يمر سريعا يسرع في اتجاه نهاية قريبة لوجود مفعم بالغموض الاسطوري واختفى الحمام على حافة النافذة...وغابت الشوارع الصاخبة وتذكر انه خرج ليشتري الجريدة فتح باب بيته ودخل..مازالت النوافذ مغلقة والسيجارة مشتعلة فوق المنضدة...وكاس شاي وقطعة خبز وشريحة جبن مستوردة واوراق مبعثرة على الارض تاكد ان كل شيء في مكانه...تحسس اعضاءه...وكشف لنفسه ان الحياة اعطته فرصة جديدة وابتسمت له حياة اخرى على الورق.........