زخات رعدية قوية وتساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1700م مرتقبة يومي الأحد و الإثنين    الحقوقي محمد السكتاوي في ذمة الله    انهزام نفسي وتجييش إعلامي .. الجزائر تتخبط في التنصل من "أزمة مالي"    المتقاعدون يدعون للاحتجاج ضد تردي أوضاعهم ويطالبون بالزيادة الفورية والرفع من الحد الأدنى للمعاشات    استعدادا لرمضان 1446.. وزير الفلاحة يجتمع بمهنيي قطاع الدواجن    بعد 23 من تبني اليورو .. الألمان يواصلون تسليم المارك    غزة تسجل 59 قتيلا خلال يوم واحد    الأخبار الكندية تكلف "غوغل" أكثر من 69 مليون دولار    حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة مستمرة.. استشهاد 22 فلسطينيا وفقدان 14 آخرين في قصف إسرائيلي    استئناف محادثات غير مباشرة بين حماس وإسرائيل حول هدنة في غزة بقطر    إسرائيل تخلف ضحايا بالضفة الغربية    تارجيست .. اختتام فعاليات البطولة الإقليمية لكرة القدم    دوري أبطال أفريقيا.. الرجاء يواجه ماميلودي صن داونز وعينه على تحقيق أول فوز له في دور المجموعات    صراع سداسي على الصدارة تتقدمه قمة راسينغ البيضاوي وأولمبيك الدشيرة    أندية القسم الثاني تلعب وسط الأسبوع    اندلاع حريق مهول في مستودع للعطور ومواد التجميل بعين السبع    تفسير أولى تساقطات سنة 2025 .. "منخفض أطلسي" يغطي شمال المغرب    الحسيمة: أشغال توسيع الطريق الرابطة بين الخلالفة وأساكن تقترب من الانتهاء    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية في الحسيمة ومناطق أخرى    تسرب غاز البوتان يودي بحياة شاب في زايو وسط استنفار أمني    سليم كرافاطا وريم فكري يبدعان في "دا حرام" (فيديو)    بطولة انجلترا.. الفرنسي فوفانا مهدد بالغياب عن تشلسي حتى نهاية الموسم    توتنهام يحصن لاعبه المغربي يوسف أخمريش بأول عقد احترافي حتى 2028    شركة مايكروسوفت تخطط لإنفاق مبلغ مهم على الذكاء الاصطناعي    "اف بي آي" ينفي أي صلة ل"الإرهاب" بانفجار مركبة تيسلا في لاس فيغاس    خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يناقشون موضوع المغرب في أفق السنة الجديدة    رالي "أفريكا إيكو ريس".. تجاهل تهديدات البوليساريو والمشاركون يواصلون رحلتهم على أراضي الصحراء المغربية    تداولات الأسبوع في بورصة الدار البيضاء    مراكش.. توقيف شخصين أحدهما أجنبي بشبهة إعداد وكر للدعارة والاتجار بالبشر    حادثة سير مميتة تسلب حياة طفل بجرسيف    "ضحايا النظامين الأساسيين" يصعدون بوقفة احتجاجية أمام وزارة التربية    خبراء يحذرون من استمرار تفشي فيروس "نورو"    تشاينا ايسترن تطلق خط شنغهاي – الدار البيضاء    كيوسك السبت | المغرب يسعى ليصبح أبرز الفاعلين العالميين في صناعة البطاريات    افتتاحية الدار: الجزائر بلد الطوابير.. حين تصبح العزلة اختيارًا والنظام مافياويًا    إعادة انتخاب مايك جونسون رئيسا لمجلس النواب الأمريكي لولاية ثانية بدعم من ترامب    اجتماع يُقيم وضعية الدواجن والبيض    الفتح يحقق فوزا ثمينا على "الشباب"    "التمويل الإسلامي" للإسكان يواصل نموه ليبلغ 24,5 مليار درهم    بورصة الدار البيضاء .. مؤشر مازي يغلق على وقع ارتفاع تاريخي    مكتب الصرف يصدر دورية تنص على إجراءات تسهيل وتبسيط نظام السفر للدراسة في الخارج    دراسة تحدد النوع الأساسي لمرض الربو لدى الأطفال    ظهور حالات إصابة بمرض الحصبة داخل السجن المحلي طنجة 2    عبد الصادق: مواجهة ماميلودي مصيرية    الصويرة تستضيف المخرج والفنان المغربي ادريس الروخ في الملتقى السينمائي السادس    الفنانة المغربية سامية دالي تطلق أغنيتها الجديدة «حرام عليك»    تارودانت تحتضن النسخة الثالثة للمهرجان الدولي لفنون الشارع    شذى حسون تستقبل السنة الجديدة ب"قلبي اختار"    أداة "ذكية" للكشف عن أمراض القلب قبل ظهور الأعراض    الموسم الثاني من "لعبة الحبار" يحقق 487 مليون ساعة مشاهدة ويتصدر قوائم نتفليكس    عبد الرحمان بن زيدان.. قامة مسرحية شامخة في الوطن العربي بعطائه المتعدد وبَذْله المُتجدّد    الشاعرة الأديبة والباحثة المغربية إمهاء مكاوي تتألق بشعرها الوطني الفصيح في مهرجان ملتقى درعة بزاكورة    خبير يكشف عن 4 فوائد أساسية "لفيتامين د" خلال فصل الشتاء    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأدب على سرير بروكست
نشر في طنجة الأدبية يوم 28 - 07 - 2011


لحظة تفكير
تحكي الأسطورة الإغريقية عن شخصية قاطع طريق يدعى بروكست. كان يسكن في مدينة كوريدال. وكان يخرج إلى الطريق الرابطة بين أثينا وإيلوسيس، فيقبض على المسافرين، ليمارس عليهم تعذيبا بالغ الغرابة. وقد كانت أداته في التعذيب هي مقاس السرير. حيث كان يخدع المسافر بدعوى ضيافته، لكن بمجرد ما يدخله إلى بيته يبدأ في ممارسة عنفه السادي عليه. حيث كان لديه سريران واحد صغير الحجم جدا والثاني كبير جدا. فإذا كان المسافر من طوال القامة يمدده على السرير الصغير، ثم يقطع رجليه حتى لا يبقى من الجسد إلا ما يماثل حجم السرير. أما إذا كان من قصار القامة فيمدده على السرير الكبير، ثم يمطط جسده حتى يطول ويستوي على مقاسه. وكلتا العمليتين مؤلمتين جدا.
لكن هذه الأسطورة نجدها مروية عند بلوتارك بصيغة أخرى، وهي أن بروكست لم يكن لديه سوى سرير واحد. غير أنه كان سريرا خاصا لا مثيل له في شكله ومقاسه، ولذا فحتى جسد بروكست ذاته لا يناسبه.
أما عملية التعذيب فكانت هي ذاتها؛ حيث إذا وجد المسافرَ أقصر من السرير، فإنه يقوم بتمطيط جسده، أما إذا وجده أطول منه، فإنه في هذه الحالة يقوم بقطع رجليه حتى يكون الجسد على مقاس السرير بالضبط.
تكاثرت جرائم بروكست، لكن حظه العثر أوقعه يوما في مسافر من نوع خاص، إنه البطل الأثيني تيسي. فقام هذا الأخير بقتله بنفس طريقة التعذيب التي كان يمارسها على ضحاياه، أي التمدد على السرير والبدء في بتر ما لا يتناسب مع مقاسه، أو تمطيط الجسد حتى يتماشى مع مساحة السرير...
تلك هي حكاية هذه الأسطورة الشهيرة.. وإني إذ أستحضرها هنا فذلك للتمهيد لدراسة النقد. إذ أجد بين حالة بروكست وحالة النقد مشاكلة ومشابهة. وبين ساطوره وسريره، وبين طرائق النقد ومناهجه قرابة ونسب. وبين الجسد المسكين الذي يوضع للقطع أو التمطيط على السرير، والنص الأدبي الذي يوضع على طاولة النقد مقاربة إن لم نقل مماثلة !!
لذا كان استحضار هذا المحكي الأسطوري لتحليل وضعية النتاج الأدبي/الفني أمام النقد، آت من طبيعة الممارسة النقدية ذاتها.
ألا ترى أن الناقد يأتي النص بعدة منهجية جاهزة، فيقرأه ويحلله بناء على المنظور الذي تحدده تلك العُدَّةُ، فيخلص ولابد إلى تقطيعه، وإعادة تركيب أجزائه والحكم عليه، على النحو الذي يسمح به منهجه المبني مسبقا؟
لا ريب أن الجهاز المنهجي يتم بناؤه خارج النص، حيث يتبلور ويستوي قبليا؛ ونادرا ما نجد ناقدا مذهبيا يطوع منهجه للنص، بل الغالب أنه يطوع النص للمنهج، وليس العكس. ومن ثم فالجهاز النقدي يكون كالأداة التي تصنع قبل الموضوع الذي تزعم القدرة على الاشتغال عليه. ولما تتوسل تلك الأداة لتحليل ذلك الموضوع لابد أن يحدث نشاز وعدم تناغم بين الأداة النقدية الجاهزة والنتاج الفني المراد مقاربته.
لكن قد يقول المعترض على ما سبق: إن الأداة المنهجية النقدية ليست مادة ميكانيكية صلبة، حتى تناشز الموضوع الإبداعي على هذا النحو الذي تصفه هذه السطور، بل هي منطلق نظري يمكن للناقد أن يعيد صياغته ليتناسب مع موضوع اشتغاله النقدي رغم أن تلك الأداة تم تشكيلها قبله.
وهذا احتمال وارد، غير أن الثابت في الممارسة النقدية أن كثيرا من التطبيقات كانت بالفعل اعتسافا على موضوع اشتغالها. فتبدى المنهج فيها وكأنه سرير بروكست، بقالب مادي صلب لا يتغير ولا يتعدل، بل يتم استدخال الكينونة الإبداعية داخله، فتخرج بملمح خاص مراد لها ابتداء. إن هذه التطبيقات النقدية تأخذ النتاج الأدبي، وكأنه موضوع للتصرف والاستعمال، وتطبق أدواتها الإجرائية وكأنها منظورات مقدسة لا يجوز مراجعتها ، بله إعادة بنائها حتى تتناسب مع طبيعة الموضوع /النتاج الأدبي الذي تتناوله النقد.
وتلك فعلا هي ممارسة بروكست!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.