اكتشفت خلال قراءة كتاب "المسحوق والأرض الصلبة" أنه يعبر عن تجربة تحدث في مصر الآن بطلها الرئيسي شباب مصر الذي يرغب في التواصل والاشتباك مع القارئ الذي هو، في المقام الأول، شباب آخر جاء من أماكن محددة هي المدونات والفيسبوك والانترنت بالأساس.. معتمدا في هذا التواصل على حدث الكتابة وليس على قيمة الكتابة نفسها، أو نوعها حيث تتقدم قيمة التواصل بين الكاتب /المدون والقارئ /المدون، حيث يكون الإتكاء على الكتابة من أجل التواصل مع الحياة ومع الآخر ومع الحبيبة والأصدقاء. ومن هنا كان تسمية النوع الأدبي لهذه الكتابة نصوص حيث التنوع بين مقال وخاطرة وشعر وقصة، دون التقييد بنوع أدبي محدد أو حتى قضية معروفة، سوى قضية التواصل بين جيل واحد أثبت أن مصر ما زالت بخير على الرغم من كل ما يحدث بها وفيها. "المسحوق" واحد من الكتب التي تساعدك على تفهم ماذا يكتب هذا الجيل وماذا يريد، إنه سيساعدك على هذا بشكل واضح حتى تجد أن هؤلاء الشباب يقومون بالاشتراك في كتابة قصة مشتركة معا مثل زهرة أبريل التي كتبها إبراهيم عادل مع محمد سيد عبد الرحيم، مثبتا أن الكتابة وسيلة أساسية وليست الغاية. إنها الوسيلة للتواصل والحياة بين الجيل الذي كسر الفارق بين القارئ والكاتب.. وأيضا يسعى إلى تكسير الحواجز بين الأصناف الأدبية التي لا بد أن يخرج بها الكتاب الواحد ويجعله كتاب مُنوع تحت اسم نصوص، ويعتبر إبراهيم عادل الكتابة نوع من تشويه الورق، أي أنه ينزع عن الكتابة أي نوع من القداسة أو التعالي على المتلقي القارئ، ولذا تكون التفاصيل العادية والمشاكل العادية واليوميات ومشاعر الحزن والفرح هي حالات الكتاب. كما أن الكتابة بين المقال والقصة والخاطرة والقصيدة التي تقترب من قصيدة النثر هي العجينة الأساسية للكتاب. كما تحضر بعض الشخصيات المؤثرة في المؤلف مثل إيمان بكري، محمد مستجاب الذي يأخذ صفة العراف، محمود درويش، درويش الأسيوطى, والجاحظ... وأيضا الأصدقاء حاضرون بشكل مستمر ومنهم محمد قرنة.. أحمد عبيد وديوانه الذي سوف يصدر عن الكتاب الأول, خالد عبد القادر, عادل محمد, وأحمد بخيت... إن استخدام اللغة العامية مع الفصحى أمر موجود ومتوفر في هذا النوع من الكتابة وواضح تماما بكثافة في كتاب "المسحوق والأرض الصلبة". كما أن فضاءات الكتاب هي العائلة والأسرة، حيث أن إبراهيم لا يحب إخوته بسبب الرابطة ولكن يحبهم بسبب أنهم عشرة عمر كما يعبر عن أبيه وحبه له في جملة – (لو ما كنتش أبويا... كنت هحبك أكثر الكتاب ص 29). إن الكاتب إبراهيم عادل دائما يستخدم الجمل الاعتراضية والتوقيفية التي تنبه الذين يقرأون وكأن المؤلف دائما في حالة عراك مع القارئ، أو في حالة حوار ذي صوت عالي، ويريد دائما أن يكون القارئ كامل الانتباه معه، بل أن هذه الكتابة تهتم بالحديث الحي بين القارئ المشتبك مع المؤلف، لذا يستخدم المؤلف جُملا دائما ما يضعها بين قوسين مدركا لما يفعله مع هذه الجمل ومنها(قبل اتهامي بالجنون, فلتمنحوني لحظة لو تسمحون –ص37-) والقسم على مدار صفحات الكتاب. كما أن شكل الكتابة هو الكتابة باللغتين العامية والفصحى في آن واحد والتمازج الشديد بينهما. من الجدير بالذكر أن العديد من الكتب التي صدرت أخيرا من "دار أكتب" التي نشرت كتاب "المسحوق والأرض الصلبة" ستكون أهميتها في التعرف على الجيل الجديد في مصر، وكيف يكتب ويعبر ويسعى دون أن يدري أنه يقدم نفسه لا كتابته- إنه يقدم نفسه فقط. هشام الصباحي [email protected] كاتب وشاعر مصري العنوان: المسحوق والأرض الصلبة النوع: نصوص الكاتب: إبراهيم عادل الناشر: دار اكتب الإصدار: الطبعة الأولى 2008 تاريخ كتابة المقال:12-7-2008 المكان- المنصورة