* تقديم: دأبت أندية القصة، والقصة القصيرة في المغرب بعد سيطرة الهاجس الأمني في ثمانينيات و تسعينيات القرن العشرين، على إقامة المنتديات في المناسبات الوطنية.على غرار المهرجانات تعطي عن جهود .التنمية في مختلف المدن. فظهرت أسماء ضخمتها شاشة التلفزيون .. لضمان الحفاظ على الوضع القائم.فصارت القصة رهينة"ثقافات الإتكيت"صيرها ضباط مملكة التوزيع أوسمة.فصار هذا عميدا و الآخر ناقدا هذا وذاك مثقفا مميزا ولم يغب في كل هذا إلا الأدب والفن . وهذه المهرجانات السخيفة صار تعرض كل إنسان نكرة أو مجهولا جاهلا او ظلاميا لم ينخرط بعد.لا في الحداثة ووفي ما بعد الحداثة بدون احترام لقواعد الأدب واصوله... كان لابد من هذا التقديم قبل أن ننتقل الى نص الكاتب محمد أجكنور (' الدم المباح في رحلة الأشباح) الذي يعد بحق قنطرة بين لغة الادب القديم ولغة اليوم .التي كادت تفقد الأدب العربي جماليته كي لا أقول رصانته بمفهوم النقاد القدامى. وسأحاول كقارئ التعليق على النص: -1- النص قصة بالمعنى الأدبي للقصة، -2- موضوعه: يعيش الإنسان المعاصر الذي اصبح فاقدا للقيم الإنسانية (شخصية المدني الذي حمل سكين و يمارس القتل العمد=والمدني مأخذ من المدينة= الحضارة الحديثة التي تذبح الانسان وتقتل قيمه المثلى ،وفاعليته) 3- المكونات الفنية: * الزمن المتخيل في النص يتجاوز المكان المتخيل في مقاربة عجيبة لا يدركها إلا من غاص في النصب بحثا عن الؤلؤ الكامن في ثنايا الأفعال الزمنية المتداخلة .التي كادت أن تربط بخيط رفيع بين عالم اليقظة و عالم الحلم. الحلم المزعج الذي ينم على النائم الوسنان ليس نائما عن واقع يعج بالأشباح المرئية التي تتحدى الرائين وتعلن عصيانها وتمردها عن المثاليات التي سعى الإنسان منذ وجد لبنائها. إن هذه الأشباح هم ضباط المدنية الحديثة الذين يقيمون المتاريس في كل درب معلنين استعدادهم للانقضاض على كل من سولت له نفسه الإعلان عن قيمة انسانية فاضلة. * الأمكنة متحركة في اتجاه أللاهدف: فالسيارات، والحاملات، والحاويات..أصبحت متفاعلة تتحدث لغة اللاشيء .لغة الفراغ، لأنها لا تعج بحركة الإنسان العاقل الفاعل المتحكم في صيرورة الأحداث. انها بلغة واحدة أمكنة للذبح و التشويه، والترحيل وليست للرحلة فقط.ومما يزيد الأمكنة دلالة أن الكاتب لم يعلنها أسماء محددة معرفة بل ترك للقارئ تخيل تموضع الشخصيات داخلها.ولنفهم هذا انطق السائق( السائق هنا من ساق يسوق....أنا مجرد سائق اعشق العمل في البكور..)بمعنى ان الشائق نكرة لا حول له ولا قوة أي لا دور له و لا مسؤولية مسلوب الإرادة من طرف الحضارة المتوحشة فكلنا ذاك السائق المغلوب على أمره. إذن فلا محاسبة ولا مراقبة ليطرح السؤال الملح هنا من المسؤول إذن؟؟ ومن المراقب والمحاسب؟ ليأتي الجواب مفجعا مؤلما: ان الحياة فقدت الرقابة والضوابط إذ تسيبت القيم وفسدت الأخلاق وتلوثت الضمائر والسرائر والأرواح بسم الحداثة المتوحشة.هذه الحضارة التي ما فتئت النصوص القرآنية تحذر الإنسان من خطورتها . ومن منا لا يعرف حديث المسيح الدجال الذي تجسم في معطيات الحضارة المعاصرة.التي تري الإنسان السراب ماء يلهث وراءه بلا طائل حتى يدركه الموت. ولعل الكاتب كان ذكيا جدا في تجسيد هذا المعنى بكل أبعاده، حين مزج بذكاء بين دفقة الواقع المدني الذي هو سراب الحضارة الحديثة ورحلة الاشباح التي تلهث في رحلتها المجهولة بلا طائل حتى تلقى حتفها . و تشير رمزية الدجاج الرومي الى فراع هذه الحياة من ابعادها الإنساية ، حيت الإنسان مجرد كائنات عجائبية ،( صم بكم لا حركة ولا معنى..). ولا يحكما سوى هاجس الموت ، يجسد ذلك نموذج الأستاذ الذي أنجبته دورة الحضارة الحديثة فاقد القيم والإرادة يتحرك جميل المنظر فارغ الجوهر مجهول المصير في رحلته اليومية لا يخنقه سوى رائحة الموت وهو يواجه سي المدني كرمز يحيلنا على وحشية الحداثة التى تمارس كل اشكال القتل العمد= السكين بيد المدني=) فأضحى الموت من امانيه السعيدة شريطة ان يكون بدون ألم ولا وجع (كبر اومضي الموس اسي المدني..) وهذا و ما وقع بالفعل حيث حياة الاستاذ موت بطيء .. فالنص إجمالا اشارة ذكية من الكاتب المبدع سي محمد اجكنور لسلبية الحضارة الحديثة وتأثيرها السلبي على الانسان(الشبح= الدجاج الرمي) حيت فقد كل مقومات الصمود والمواجهة والتحدي فأصبح كائنا عجائبيا بعيد الصلة بأصوله (عزة وانفة الدجاج البلدي) وتوابثه الانسانية واختار كرمز لهذا الكائن العجائبي شخصية الأستاذ الذي يحمل فكرا ويدافع عن قيم ويتحمل رسالة فأضحى خاو الوفاض جميل المظهر فاقد الجوهر..وان من حسنات هذا العمل الابداعي الجميل ان ربط سي محمد اجكنور بين علم الخيال والمتخيل ووقع اليومي المفجع للتعبير عن حقيقة مرة يعاني منها الأنسان المعاصر . وكل ذلك بلغة رصينة مشحونة بدفقة الابداع الصادق البعيد عن التصنع والتكلف.. • الاحداث: الأحداث بسيطة،تتراوح بين تيتمتي الحياة والموت.قالحياة في النص نكرة فاقدة المعنى ، هي اشبه بحياة الكفار التي ظاهرها نعيم وباطنها جحيم كما يصفها القران الكريم: "واتجدنهم احرص الناس على الحياة" وهذا الحرص هو ما ما يحينا النص على تفاصيله من خلال ثناياه (الرحلة المنظر الجميل اللون القشيب ..الخ). حقق النص عموما درجة ابداعية مميزة، خلقت متعة الكشف والبحث والإنخراط في عالم الكاتب وخفايا رؤيته للأشياء . وكشف مرة أخرى عن درجة وعي سي محمد اجكنور بقضايا عصره و ا تفاعله الايجابي مع محيطه الفكري والثقافي .النص جدير بأن يقرأ ويحلل ...