أجدني وأنا أخط لك في حاجة إلى شرفة تطل عليك ،وإلى فنجان قهوة آخر،لأجعل من صباحي هذا بنفسجا ،ومن وجودي سفرا إليك. أقول لك صباح الخير لاروزا أكتب لك رغبة في البوح،وشوقا جارفا يبحث له عن طريق،تقوده إلى جنانك الوارفة،أتنفس عطرك الآن،مثلما أتنفس عشقي وحنيني لحدائق غرناطة المعتمد،أعيشه لحظة لحظة،شامخا وأصيلا كان،وما يزال،موشوما كنقوش أندلسيةعلى جدران قلبي المنكسر،من الهجر. أذكر حين التقينا أول مرةبتطوان،ظننتك في البدايةكأية زائرةإسبانية لا تتقن لغتنا،وكانت المفاجأة حين أجبت عن دهشتي بلسان قومنا،ورحمةبي حتى لا أضيع أكثر،تركت مقعدك بالحافلة وجلست بالقرب مني،فكانت رحلة أخرى من حياتي لا تنسى،بدا كل شيء فيها بطعم الفرح ،اهتمامك بحضارة وثقافة الأندلس،شغفك بمدينة تطوان والأغاني الأندلسية،إنصاتك العميق لصوت شقارة وهو يغني لبنت البلاد "ايايا بنت بلادي،بنت بلادي غلوبني عينيك"سردك لتاريخ الطقطوقة الجبلية،المنحدرة من قمم جبال المغرب الشامخة،حينها طوح بك الحكيإلى فتنة الأقاصي ولما التفت إليك وجدتك كطفلةرائعة مستسلمة لنوم عميق، وشعرك منسدل كالليل على كتفي.مازال ليلك ليلكيا يسكنني. أستحضرالآن كل اللحظات الجميلة التي مررنا بين سواقيها،ساقية ،ساقية،بأشجارها ومائها ،وطيورها، وأستحضر أكثرجمالك الأندلسي الآسر،وحديثنا عن معاني كثيرة،عن الوطن والفن ،والموسيقىالأندلسية،ورقص الفلامينكو،وشعرلوركا والثورة،والحب محطتنا الأخيرةالتي كانت تنتهي عندها دائما أسفارنا بالعناق. بعدسفرك لاروزا ،صدقت قولها ،هل كانت ساحرة لهذه الدرجة؟لقد غرر بي كالأطفال ولسذاجتي صدقت بأن البيت ،هو منقدي من صحراء التيه ،وأن البيت سيعيدلي التوازن لنفسي القلقة ونسيت ماقاله حنا مينه بأن البيتوتية قاتلة الإبداع،فكان انكساري،إن اكتشافي هذا لاروزا لم يأتي متأخرا وإلا لسرت على خطى فان غوخ ولا انتحرت ،فطلقتها وربحت أحلامي في الأخير. أتعلم الآن كيف أحمي ما تبقى من أحلامي ،ولوحاتي ،وقصائدي،وأوطن نفسي على الخسارةوالغياب ،غيابك لاروزا ،وخسارة اللحظات الجميلة والآخرين،الغربة قدري ،الغربة قدر المبدع لاروزا. هل سنلتقي مرة أخرى ،هل تراني في المرآة مثلما أراك الآن،على بياضي،هل سنقضي ليلنا في المتاهة والجنون والعشق والغواية،من قصائد درويش ،إلىدروب تطوان المطلة على جبل غرغيزوبحر مرتيل. تعالي إذن ،هذا ابريل آخر يطل على عشقنا من جديد ،هذا أبريل آخرلاتزهر أشجاره ولا تزقزق عصافيره إلا على ضفاف عيونك العسلية فتعالي. مازلت استرجع صوتك العذب وأنت تتغنين بقصيدة ،"ليلك من ليلك"من ديوان سرير الغريبة لمحمود درويش،صار صوتك الآن ملاذي،ومأواي، ووطني وظلي، وأناي ...فتعالي.