يجبرني واقع انعدام الفضاءات الثقافية بطنجة العودة للمرة الألف لهذا الموضوع. تتذكرون جميعا أن مجلس مدينة طنجة في حلته السابقة كان قد سرَّع إيقاع الأشغال بالمسرح البلدي محمد الحداد وأعلن عن افتتاحه في 27 مارس من عام 2008 بعرض افتتاحي لفرقة باب البْحار سينمسرح «أقدام بيضاء». ورغم أن هناك الكثير مما يمكن قوله بخصوص هذا الفضاء فقد استبشرنا خيرا واعتبرنا افتتاحه فأل خير وأول غيث قطرة. ولعل الوعود التي كان قد قطعها على نفسه الفريق المسير لمجلس مدينة طنجة إلى حدود 2008، كان يطمئن الساكنة والمهتمين بالشأن الثقافي والفني، على أن مدينتهم ستحظى في القريب بافتتاح مركب ثقافي يرقى لتطلعاتها وانتظاراتها الأزلية. طنجة اليوم على أبواب سنة 2011 ولعل التطبيل والتغييط اللذان صاحبا حملة الدعاية للمعرض الدولي طنجة 2012 لم يظهر من «منجزاته» العملاقة التي ناطحت الضباب والسراب باستنزاف مالية البلاد والعباد ولو شعرة نخرجها من العجينة التي تتخم بطون السماسرة وأولوياء أرزاقهم ومن حام في فلكهم من ولا الضالين آمين. ومن ضمن هذه الوعود طبعا، المركب الثقافي لمدينة طنجة الذي انطلقت أشغاله في صمت وحيطة وكأن الأمر يتعلق بمنشأة مهربة، في استبعاد تام ومقصود لأي استشارة فنية وتقنية لذوي الاختصاص. والخطير في الأمر أن المشرفين على المشروع لم يتجشموا عناء الاستشارة وأخذ الرأي، خاصة وأن المغرب سبق له وأن عرف العديد من التجارب المماثلة والتي ركب القائمون عليها في وقتها «رؤوسهم» في الانفراد بإنشاء مركبات وفضاءات ثقافية أقل ما يمكن أن يقال عنها اليوم أنها كارثية في بشاعة معماريتها، وطامة العصر الكبرى من حيث الأخطاء التقنية والتي استنزفت ما استنزفته من الأموال الجماعية والعمومية. مركبات ثقافية معطوبة تقنيا لا تصلح لا للمسرح ولا للسينما ولا حتى لاحتضان سهرات قولوا العام زين. ولنا أمثلة عديدة في مراكش (المسرح الملكي)، الدارالبيضاء (المركب الثقافي محمد السادس)، في الرباط (المركب الثقافي المهدي بنبركة)، وزيد وزيد.... فهل يود مجلس مدينة طنجة الموقر بعناده واستفراده بتنفيذ هذا المشروع أن يضيف إلى قائمة الفضاءات الثقافية المغربية المعطوبة مركبا جديدا؟