السادسة والنصف صباحا - كنت اتواجد بمحطة القطار- كنت أود الذهاب إلى إحدى المدن لقضاء أحد الاغراض الإدارية. لسوء حظي وصلت إلى المحطة متأخرا بنصف ساعة- ففات علي القطار.لعنت نفسي وأنبتها في خيالي بسبب تأخري الدائم عن مواعيدي الضرورية. ذاك الصباح شعرت بجوع حاد- فالليلة الماضية قضيتها صوما وسهرا إلا من شرب بعض كؤوس الجعة - وتدخين بعض السجائر والتلذذ بما جاد به علي الزمان. ذهبت يمينا وشمالا علني أعثر على بائع من بائعي المأكولات حتى إملاء معدتي- فإن كان قد فات علي موعد القطار فمعدتي لا يهمها ذلك- فالمشكل مشكلي أنا وما علي إلا أن ألبي رغبتها رغما عني.بعد البحث في الحي القريب من محطة القطار- لم أجد إلا بائع الإسفنج.توقفت أمامه.فكرت مليا- فمعدتي لا تقبل الإسفنج المقلي في الزيت في الصباح.خاطبتها في خيالي-إما الإسفنج أو الانتظار- أو نتم الصوم حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الاسود.قرقرت مصاريني المنتفخة بصودا الجعة قائلة-احتاج الى قنينة ماء بارد اروي به عطشي.تقدمت نحو بائع الاسفنج .جلست على مقعد خشبي تصدر منه برودة قاتلة تشل الحركة-نهظت من مكاني -ثم وضعت حقيبتي الجلدية على المقعد لتحمي مؤخرتي من البرودة .فان دبت البرودة في الجسد فسيبقى جامدا بلا حركة ولاسكون.لا حركة ولا سكون الا بادن العقل والوعي بالاشياء.طلبت كاسا من الماء لاروي به عطشي وعطش مصاريني.شربت كاسين متتاليين من الماء بلهفة شديدة - ثم طلبت البعض من الاسفنج.خاطبني البائع بلهجة احترافية-انتظر دورك..هناك زبائن يسبقونك.اشعلت سيجارة-وطلبت كاسا من الشاي لالتهم به سيجارتي-والهي به الم معدتي.بدات انظر الى الزبائن وهم يلتهمون الاسفنج بشراهة-ويهضمونها بكؤوس الشاي الساخن.وصل دوري.فنادى علي البائع-كم من الاسفنج تريد.اجبت بصوت مبحوح فاركا يدي بحركة سريعة- اسفنجتان وكاسا من الشاي.في اللحظة التي انهيت فيها كلامي وقف طفل في التاسعة من عمره تقريبا .ملامح الضحك والسخرية بادية على وجهه البرىء- فبدا يمزح تارة مع الزبائن-ويسخر من بائع الاسفنج تارة اخرى.بعد لحظة صمت قصيرة كانه اراد ان يلتقط انفاسه-خاطب الطفل البائع قائلا-اعطيني زوج زيروات..زوج سفنجات وحدة لي ووحدة لابي-ثم اضاف بحركة ساخرة على وجهه -ودير شي وحدة فوق راسك على حسابي .نهر بائع الاسفنج الطفل قائلا-غادي نكول لبباك هاد الدصارة ديالك.اجاب الطفل بعفوية وبحركة نصف دائرية براسه -كولها وشرب بلولها.. بابا باقي كاع ما فاق من النعاس.كلام الطفل اخرس البائع-فبداء هدا الاخير يعصر العجين بقوة بين يديه-ثم يرمي بالاسفنج في الزيت المقلي كانه ينتقم من كلام الطفل.انهيت اكل الاسفنجتين -ثم هضمتهما بكاس شاي ساخن-فخاطبت نفسي قائلا-كلام الطفل على صواب..الاسفنجة تشبه الصفر واناس كثيرون ياكلون الاسفنج-وانا التهمت هدا الصباح اسفنجتين او صفرين عندما فات علي موعد القطار.صاح زبون من الزبائن على بائع الاسفنج غاضبا-واعطينا اتاي باش ندوزوا اخويا..راه مشى علي الحال.اجبته في خيالي -الى مشى عليك الحال بحالي كول السفنج واسكت.