الجدارُ، دفترُ الطفولة، عليه، تجترح الأحلام، والأسرار، بقطعة فحم، أو زجاج، يدبج البوْحُ، وتشهر الأخبارُ، ركيكة. أو سافرة، في غفلة من الكبار. على هذا الدفتر، فجرتْ يدُ الطفل، مسكوتَ الفم، واللسان. حركات ِ انعتاق من أسْر الترْهيب، وكبتِ الأنام. يقتنص الفنانُ، مصواب، مباهج الطفولة، الوشيكة المحو، ذاكرة، آيلة لانشراخ، على بوابة الهرم. بوح الطفل، المتستر بجنح الليل، وبقايا زليج مرقوم، ورطوبة ترشح بعتاقة الزمن، المتسرب من ثقوب النسيان وأرقام، ربما تفضي إلى أرصدة القلب، وخواء اليد، ومقت الطرح، والجمع، والقسمة، والحساب. لوح الطفل المحفوظ، هو الجدار بداهة الاعتراف، في ظل الحصار وسذاجة الرسم، هي اللوحة التي يحولها، مصواب، إلى عمق وجودي، يستغرقنا، في خواء الحاضر، حتى يشملنا ضوء الجدار، ويدلنا على فراديس مفقودة في صمت الحجر. وإذا الحجر يضج بالشغب، والنداء وإذا الحجر يحرر فينا، طفل العهد ومجد اليد الصغيرة، المقموعة في الحركات. وإذا نحن نطأ بوابة الكنف الحميمي قانعين بما وثقنا من طفولة هل نبكي، أم نضحك أمام جدار يخزّنُ عنفوان َ الأحلام..؟ من الذي يهْوي، في هذا الشموخ اللوني، كما لو حطه الحزنُ من عَلٍ. ..؟ شلالَ زرقة مفجوع، وسيلَ دَم يمشي إلى عَمائه الأقصى، أكاد أسمع، لانجراف حنينه، خريرَ أيامي الأخرى. تاركا ضوْء الرّوح في عليائه، يفضي إلى بابٍ، بلْ أبواب تتناءى، إلى أن يَصْغرَ الحُلم، وتكِلّ الذاكرة. هذه الجلالة ُ الحركية ُ، بصدد عَماء يحُفّ الأبعادَ، تضمّ تحت جوانحِها كلّ الوجع الموسوم، بغبطة السماء، ونجيع الألوان، كما لو أنها تطلق العنانَ لأزرقها ليمسح آخرَ الطعنات، حين تقف مشرئبة، بفاره لونها، مدججة بانسكاب يحفر مجراه في الإمام، المحفوف بمجاهل الأيام. كم مرةٍ دلفتُ، ُمتسترا بماء الألوان، لأِؤسس نشوتي، وأعثر على باب يفضي بي إلى برزخ الزركشات وانصهار الضوء، بعتمة، لا اكتساح لها في حضرة الرعشات. هكذا أجدني، على عتبات الإقصاء، منزوعَ الخطو، مُستوحش الأحداق، يومئ لي من عل ضوْءُ الرّوح يبللني رذاذ ُ اللون، لأفيقَ على سكن شاهق يسكنني، ولا أسكنه، إلا محْض ارتحال. يتدلى الأبيض، المشوب بدكنة الإصباح، مشيرا إلى أسفل الصفاء، متدرجا صوب نقطة ضوء حائل هو ما تبقى من توسلات الروح، في سديم العدم. لا يكاد ينفك عن دم، سادر في استقامته، كأنما ليورط ما تأهب من لون أسود، مبثوث، هنا، وهناك. كتلً لونية، توارب ألفَ استحالة، تحسبُها العين ُ إمكانا، سُرعان ما يُمعن، في استبدالاته ، التي ترسب ألف وهْم ٍ وتمحو يقين َالبصر، هو امتلاء، إلى حد الفراغ، وفراغ يرشح بألف احتمال، ينصب فِخاخ الإشارة، إلى كل ما يسْكن الروح والذاكرة. وإثارة، تنبهُ فيك، ما هجع من أطياف المودات القديمة. وبشارة، تشبه هسيس الماء، المغترب بين عشب المجهول، وحركة الألوان الدائبة في انعتاق يسيل...... ومغارة، بحجم اللهفة، تفرد جسر دم، وألفَ استعارة. قد تعْبُر الكتابة ُ إلى أقاصيها، وَيزلّ الخطوُ عند أدْراج المتاهة. آيبٌ إلى تكوير، َيد ل انتكاساتِ القلب، إلى شهْوته الأولى. إلى تفاصيل ماء، ونار، وتراب، وهواء هندسة ٌ للحلم، تضرم في الشكل ما أهلتْ به جوانحُ الكائن، من رجْراج الشهوة، وتقاسيم الجسد، الطافح بحليب اللذات. حَركيٌ، يُغري بيدِ اغتصاب، تتفقدُ أحوالَ التكوير، نزولا إلى ُمثلث باذخ، يرسُم انفراجات الروح، ومسارَ نبْع، لا يبل أوارهُ، إلا سعيا ، لحُتوفٍ، تستكين ُ لطين الأحوال. مثلثٌ للجرح الأبدي، ودائرتا تكوير، لأمتطي صهْوة الرغبة، عابرا تضاريس السّرة المُضمَرة، صوْب جغرافية راعشة، أتقصى بالعين، واليد، واللسان، آثارَ الرعشة في الروح، أو التيه في استهامات، قد لا تفضي إلى تجلّي اليقين. شوكة ُ مِئزر، وقرطان، لِتخطر الأهازيجُ، في حَلبة اللون، وأبلغَ الأصلَ، مضمّخا، بأطايب الحناء، والحبق، إلى رنين طفولة آهلة بصَف غيدٍ، راعشات. هل ثمة مسافة بين الدائرتين، والمثلث، واستداراتٍ، تفيضُ عن أحوال الشوق......؟ هل ثمة حافة، تطوّحُ بي من علياء التشوّف، إلى دَرك الاستحالة....؟ هكذا يلغمني اللونُ، إذ يسْعى بي إلى غواية، لا تستثني أي استثارة، تحْفل بالحياة. ماذا لو زْدتُ غرقا في أزرق، ينصُبُ لي فخاخ الدّوار..؟ لأغرفَ ما ترسب من خلخال، ولبان، وغدائر غزيرة، وبحة صوْتٍ، توقظني ذكراه. ماذا لو قلتُ إن الماءَ، يخِصف من موْجه، على ما ترْغبُ العينُ في رؤيته، موصولَ الشهوات. أو أن اللون، يستدرجُني إلى نبضهِ، أو دمه الموسوم بداء الحياة......؟ هرَمٌ لوني، تطفو على عتباته الدافقة، هوية ٌ بيضاءُ، هي توقيعُ الفنان، تنحاز إلى اللون، بعيدا عن مَحْتدِ الحرف.كأنما، لتذود بمنكب حُبّ، عما تبقى، من صِلاتِ الضوء، والظل، في هذا الهرم العائم صوب قطب انجذاب. كل الألوان تسند هذا الشموخ، الذي يسمو بكوة ضَوْء صَغيرة، مُكللة بأحمر فاجع، يومئ إلى دمه المدلوق ِ في عرض الألوان. كل الألوان تستدير، في حركة حدب، كأنما تتفقد أحوالَ الخراب، أسْفل اللوحة. اللوحة المدججة، بالكتل الجمالية، على أهبة، لترُدَ كيدَ الانهيار. منتبهة إلى مَكامِن الضوْء في أحشائها.............. تطاول كل فارهٍ، لتشهدَ حركة انعتاق ِ الألوان.