في إطار المهرجان الثقافي والفني الوطني السابع الذي اتخذ كشعار له عنوان" التشخيص المسرحي مرآة الواقع" والذي نظمته جمعية التربية والتنمية بالناظور بشراكة مع مندوبية وزارة الثقافة بنفس المدينة، عرض بالمركب الثقافي لمدينة الناظور مسرحية "أسروريو" الزغرودة بتاريخ 15 يوليوز 2010. وهي مسرحية لفرقة "ثفوين" لمدينة الحسيمة، من تأليف لعزيز إبراهيمي ،وإخراج سعيد ضريف، وقام بالسينوغرافيا كل من خالد عريش وعبد السلام فزاكة. أما التشخيص فانفرد به كل من محمد بنسعيد في دور هتلر، وشيماء بنعمي في دورين: دور الأممالمتحدة ودور زوجة هتلر، وحنان صديقي في دور الخادمة، ويوسف زريوح في دور دحمان، وطارق أفاسي في دور أمحند. وهذه المسرحية مدعمة من طرف المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وتعالج تيمات تنفلت إلى حد ما من المرجعية الدلالية للمسرح الامازيغي بالريف، الغارق فيما يسمى بالفيض التراثي وسلطة التاريخ. فهي تعالج تيمة مركزية تتعلق بالاستبداد السياسي ودكتاتورية الحاكم الأزلي العربي في قالب تراجيكوميدي إلى جانب تيمات أخرى محايثة عاطفية واجتماعية. سنحاول مقاربة هذا العرض المسرحي من خلال عناصر تتطرق إلى قضاياه ودلالاته وجوانبه الجمالية والفنية وكذا محاولة تقويمه. أقسام المسرحية ودلالاتها تتناول المسرحية تيمة الاستبداد السياسي الذي يمارسه الحاكم العربي باعتباره حاكما يجثم على رقاب شعبه ويمارس ضدهم أعتى أنواع القهر والرقابة، لكنه في الوقت نفسه نجد هذا الحاكم المهاب الجانب لا يستطيع أن يتحكم في بيته وزوجته الذي يبدو أمامها خانعا مستضعفا. وظفت المسرحية شخصية هتلر النازية كناية عن هذا الحاكم بشكل كاريكاتوري صادم تتحكم فيه سلسلة من الثنائيات الضدية التناقضية (القوة/ الضعف، الضحك/البكاء، الخبل/الرزانة، الدلال/ الصرامة...) ولتسليط الضوء على هذا العرض نقسمه إلى وحدات أو فصول حسب ما ظهرت علية أثناء العرض، وهي مقسمة إلى ثلاثة فصول أو وحدات دون أن تفصح عن ذلك صراحة كما هو الشأن مع المسرح التقليدي. أ-الفصل الأول: لم يستغل المخرج في هذا الفصل إلا جزءا صغيرا من الخشبة، وهو الجزء الأمامي المحاذي للجمهور، بحيث لجأ إلى تقسيمها بستار فاصلا فوندو الخشبة عن مقدمتها. وبذلك أصبح تشخيص الأحداث ولعب المثلين ينحصر في مسافة لا تتجاوز مترين على مدار إطار الركح من اليمين إلى اليسار. وتعتليفي منتصف الستار صورة الحاكم هتلر مزدانة بالصليب المعقوف رمز النازية وكشعار للدكتاتورية، وهو الرمز نفسه الذي نجده حاضرا على طاولة الحاكم ، وهو الديكور الوحيد المجسم أو الواقف على يسار الخشبة من وجهة نظر المتلقي الذي نجده في هذا المشهد، بالإضافة إلى الكرسي الفخم الذي هو رمز السلطة. في هذا الفصل نلتقي مع جنديين تابعين للزعيم وهما عنصران يدلان على قوته وعسكره. الجندي الأول يمثله المسمى (دحمان)، إذ سيثور على سلطة الزعيم وسيتذمر من ممارساته وسيلقى بسبب موقفه هذا عقابا شديدا أما الجندي الثاني (أمحند) فهو يداهن الحاكم ويلمّع صورته لاسيما أمام الجهات الأجنبية والتي تمثله هيأة الأممالمتحدة. ولقد لعبت الممثلة شيماء بنعدي دورة مسؤولة في هذه الهيأة والتي تتوخى انجاز تقرير عن حالة البلاد ووضع الجنود، متهمة الحاكم بحرمان شعبه من أبسط الحقوق. الشيء الذي سيجعل هذه الهيأة أمام شهادتين متناقضتين. وفي الأخير ستنصاع لأمر الرئيس الداعي إلى ترجيح كفة الجندي الآخر (أمحند ) مبينا أن الأمر لا يعدو أن يكون دعاية مغرضة ضد بلده، ويجانب الصواب والحقيقة، ومن ثم تتواطأ الأممالمتحدة بشكل مكشوف معه وتزكي ظلمه ومجازره. كل هذا أتى في قالب ساخر وقاتم لاسيما حركات الزعيم تجاه الجنديين وتحيتهما العسكرية المبالغ فيها له، والمطبوعة بالتشنج، والمثيرة للضحك دليل إجلالهما له عندما يقترب منهما. وكدليل على سطوته يجلس على كرسيه ويضع رجليه على أحد جنوده. وتتكرر في العرض جملة غدت مسكوكة كناية عن تعطش الحاكم للسلطة وإصدار الأوامر، إذ يردد بين الفينة والأخرى أنا اليوم قرت أن أزيد لكم في... وغالبا ما يختمها بعبارة أزيد لكم في العذاب. ب- الفصل الثاني في هذا الفصل يتم استغلال الركح كله بعد أن تم إزاحة الستار الذي جرت فيه أحداث الفصل الأول ليتحول الركح على امتداده إلى غرفة نوم الزعيم، بحيث سيظهر مستلقيا على السرير في انتظار زوجته الغائبة والذاهبة في رحلة صيد مع احد أصدقائها دون أن تعير أي اهتمام لزوجها القابض على البلاد بقبضة من حديد. ويتبين لنا من خلال هذا المشهد مدى ضعف الزعيم في مخدعه حتى بدا في تصرفاته أقرب إلى الصبي. عندما تعود الزوجة وتجد زوجها رفقة الخادمة تستشيط غضبا ويدخل الزوجان في حوارات ومشادات كلامية أضفت على المسرحية جوا رتيبا. في هذا المشهد نجد كذلك الجندي دحمان حاضرا في غرفة الزعيم أتى لزيارة خطيبته السابقة التي أصبحت خادمة، ويتمادى الحاكم في إذلاله وإهانته أمام خطيبته السابقة حيث سيرغمه على الرقص بشكل مهين بوضع منديل حول خاصرته. ج- الفصل الثالث أحداث هذا الفصل امتداد للفصل الأول، كما أنها تجري في نفس الفضاء(مكتب هتلر)، بحيث سيظهر بعنجهيته طالبا من الجندي (أمحند) المتأبط لبندقيته إحضار دحمان من زنزانته التي زجها فيها نتيجة ثورته عليه وعصيانه له، بل وتعاونه مع ممثلة الأممالمتحدة التي حكى لها عن الوضع المأساوي المخيم على البلاد بسبب جوره المتفاقم ، ليتم محاكمته أو اهانته بنفسه. و سيظطر الجندي في الأخير أن يركع أمام الحاكم هتلر طالبا الصفح. وهكذا تنتهي المسرحية بموقف انهزامي راذخ لأمر الحاكم المستبد مكرسة الأمر الواقع، إذ يستحيل تغيير الوضع في ظل من يدافع عنه داخليا ( الجندي أمحند ) وخارجيا ( الأممالمتحدة). ولإنقاذ المسرحية من الوهدة التي تردت فيها على مستوى الموقف، لأنها لم تقدم حلا إيديولوجيا وفكريا، ولم تسْع لتغيير الوضع أو على الأقل التحريض على ذلك، وإدانة الاستبداد والتسلط، التجأت إلى موقف بديل. وهو موقف فني وجمالي يتمثل في تكسير الإيهام و كشف اللعبة المسرحية، بالنداء على الممثلين بأسمائهم الحقيقية، وإبراز أمام الجمهور أن ما يقدم أمامه بعيد عن الواقع وأن هتلر ولى وانقضى، وأن لاعب هذا الدور ما هو إلا ممثل ينتظر أدوارا أخرى مختلفة في عروض قادمة. وفي الأخير يسأل الممثل(هتلر) زملاءه عن الدور الذي قام به مؤكدا انه نجح فيه، لكن في الوقت نفسه اعترض عن هتلر آخر مازال ساكنا في شخصية مخرج المسرحية، فاضحا بذلك مكونات العرض المسرحي ومفصحا عن اكراهات التمثيل وسطوة المخرج. الصراع الدرامي يظهر الصراع في المسرحية من خلال احتكاك الشخصيات فيما بينها وتعارض المصالح واشتباك الآراء، وقد يكون هذا الصراع واردا أيضا عند الشخصية الواحدة بتضارب الخواطر وتناسلها أو عيشها في مفارقات مع نفسها. لكنه يبدو أنه من الصعب الحديث عن صراع حقيقي في مسرحية يطغى عليها جانب الملهاة وتنأى بنفسها عن أي خط تراجيدي كما هو الشأن مع هذه المسرحية. نلاحظ منذ البداية جدلية السيطرة والخضوع بين الحاكم باعتباره مسيطرا على شعبه وعلى جنده بقوة الحديد والنار من جهة، ومن جهة أخرى تعرض الحاكم للسيطرة من قبل الأممالمتحدة ومساومتها له، ونفس السيطرة يخضع لها من قبل زوجته. فالحاكم يدخل في صراع غير متكافئ مع معارضيه، وهذا الصراع لم يحول مجرى أحداث المسرحية، ولم يفض إلى أي واقع نقيض، على الرغم من أنه اتخذ طابعا عنيفا . نلمس كذلك في هذا العرض صراعا آخر عبارة عن جدل خطابي و مناوشات كلامية بين الحاكم والأممالمتحدة، وبين الحاكم وزوجته الذي لم يفض بدوره إلى أي تغيير في مسار المسرحية. ومعلوم أن الصراع مرتبط بتنامي الأحداث وتصاعدها وتوتر المواقف، وهو ما لا نجده في هذا العرض، فقد كان مثقلا بالمواقف الساخرة. الرؤية الإخراجية والتقنيات الموظفة كما ذكرنا ذلك سلفا، فالمسرحية يتحكم فيها فضاءان مغلقان: مكتب الحاكم، وغرفة نومه. فالغرفة أخذت حيزا جغرافيا مهما من مساحة الركح، على خلاف المكتب. وتقسيم الخشبة يبدو هنا مهلهلا بعض الشيء وكأن المخرج سيق إلى ذلك وهيأ هذين الفضاءين مرغما، حتى لا يتم تغييرهما أثناء العرض تبعا لتغيير المشاهد، وهذا ما جعل حركة الممثلين التي كانت تدور في فضاء المكتب محصورة في شريط ضيق، بل أن تقدمهم يأتي من اليمين إلى اليسار أو العكس ليظل الفوندو معطلا ومؤثثا كغرفة محجوزة ستستخدم فقط في مشاهد معدودة. الحقيقة أن أقوى الحركات تأثيرا على المتفرج، تلك التي تفد من منتصف أعلى المسرح زاحفة نحو المقدمة. وفي هذا العرض كانت جل الحركات تلامس حافة المسرح، والحافة لا يتم اللجوء إليها في الغالب إلا لكسر الجدار الرابع ومخاطبة الجمهور. ونخلص إلى أن طبيعة الديكور الموظف، وشكل تقسيم الخشبة وترتيب المشاهد هو الذي أفرز تحديد منطقة الأداء وموقع الأحداث، وكان يمكن تلافي ذلك لأن الإخراج إبداع ثان ويتضمن رؤى متعددة، ويطرح خيارات لا متناهية، وأكيد أن هذا أثر سلبا على الجانب اللعبي للمثلين وعرقل بلاستيكية حركاتهم ومرونتها، فمن الطبيعي أن تأتي جل الحركات متماسة وحميمية (أقل من مسافة نصف متر بين ممثل وآخر) حتى وإن كان المشهد ليس حميميا. لكن مع ذلك كان أداء الممثلين على العموم معبرا لاسيما النجم محمد بنسعيد الذي أجاد التعبير بملامح ووجهه (الفم والعينين)، وهو تعبير متنوع يمزج بين التراجيدي والكوميدي فينتقل بسرعة من مواقف التوتر والريبة إلى مواقف كوميكية صادمة،مصحوبة بتلوينات صوتية تلائم هذا الانتقال. وتذكرني حركاته التعبيرية الخاصة بالوجه بحركات الكوميدي المصري الراحل إسماعيل ياسين. وأبرز تقنية وظفتها المسرحية هي تقنية الكوميديا السوداء، بل كانت أهم بعد جمالي اتكأت عليه، وذلك بتضخيم المسرحية لبعض المواقف بشكل كاريكاتوري. ففي أحد المشاهد يقول الحاكم مخاطبا الجندي المتمرد دحمان: أنا أؤمن بالديمقراطية، لكنه سرعان ما يضربه برجه فيخر الجندي ساقطا على الأرض. الشيء الذي حدا بالجندي الآخر أمحند المداهن للزعيم أن يقول: هذا صحيح والدليل على هذه الديمقراطية أن الجندي دحمان هاهو ساقط على الأرض(مقوس على نفسه بسبب الألم) يصلي العصر قبل أوانه. كما أن تكسير الجدار الرابع كان بارزا منذ بداية المسرحية إذ صعد محمد بنسعيد (هتلر) إلى الركح قادما من الصالة، خارجا من صفوف المتفرجين. وترسخ هذا أكثر في نهاية المسرحية، التي كشفت فيها شخصياتها عن وعيها بأنها في حالة تمثيل في الواقع الفني أو في الحبكة الداخلية للعرض، وأبانت عن إدراكها بأنها ذات إنسانية في الواقع الحقيقي. والواقع أن الأداء الكاريكاتوري أيضا والحركات المسرحية المبالغ فيها للبطل كسرت الإيهام المسرحي لدى المتفرج. ومن ضمن التقنيات المهمة التي اعتمدت عليها المسرحية تقنية الفلاش باك (الومضة الاسترجاعية)، وهو استحضار لوقائع حدث مضى. فرغم عدم ارتكان المسرحية إلى زمن محدد،لأن شخصية هتلر معزولة عن إطارها التاريخي الذي تحيل إليه باعتبارها شخصية عامة ترمز إلى كل ظالم مستبد، ومن ثم فإن زمن المسرحية زمن مجرد، لتبقى كل الأزمنة العربية صالحة لاحتضان أحداث المسرحية، مع ذلك فالمسرحية تتحكم فيها سيرورة ما وهو ما يمكن أن نصطلح عليه بالزمن الداخلي الخاص بالشخصيات وتطوره. وتجلى هذا أساسا في استعادة الجندي دحمان ما وقع له مع خطيبته وسبب تخليها عنه، وكذا سبب اشتغالها خادمة لدى هتلر. وهكذا ارتدت الخطيبة إلى الماضي وسردت ما وقع لها، واستطاعت أن تضفي على شخصيتها أبعادا تملأ الثقوب التي اعترتها من قبل. الإنارة كانت على العموم ثابتة وشاملة، وانحصر دورها في الغالب على إضاءة الممثلين وإنارة مساحة العرض، لاسيما في فضاء المكتب. فلا تميز فيها، وجاءت محايدة ولا دور لها في التعليق على أحداث المسرحية والتمهيد لها، ولا على الحالات الشعورية والنفسية المختلفة. ونسجل هنا أنه في مثل هذه الأعمال التي يكون بطلها شخصية شريرة مستبدة غالبا ما تخفت الإضاءة تمهيدا لدخولها ويكون ذلك مصحوبا بموسيقى ومؤثرات صوتية معينة، وهو ما لم تسع إليه المسرحية المجسدة لشخصية هتلر الشريرة. ونستثني هنا حالات محدودة جدا برز فيها تنوع ما في الإنارة من مثل مشهد هتلر وهو مستلق على السرير، إذ لاحظنا ضوءا خافتا يسلط عليه(الوردي والأزرق) وهو كناية عن المرح والطمأنينة. ولم يتم الاعتماد على عملية الإظلام إلا حينما تم الانتقال من فصل لآخر، فالإظلام هنا عوّض نزول الستارة في المسرح الكلاسيكي. وهذا ما يجعلنا نؤكد مرة ثانية أن المسرحية تقليدية في تقسيمها وتبنّت ضمنيا نظام الفصول. أما الموسيقى المصاحبة للعرض فعلى قلتها كانت متناغمة مع الموقف المعبر عنه، إذ نلاحظ موسيقى عسكرية في بداية العرض بدخول الجنديين. كما استعملت المسرحية موسيقى شرقية رقصَ على إيقاعها الحاكم هتلر والجندي دحمان تكسيرا للسجال الدائر بينهما والفتور الذي ساد هذا المشهد. ولقد لجأت المسرحية إلى بعض المؤثرات الصوتية المسجلة وهي عبارة عن زغاريد وهتافات تفيد مقدم هتلر. وللإشارة فإنه على الرغم من أن المسرحية تحمل عنوان "الزغرودة" فإننا لا نلمس لها أثرا في طيات العرض لا بشكل صريح ولا ضمني بل لا نجد ما يوحي إلى دلالاتها الاثنوغرافية ولا الثقافية، باعتبار أن الزغاريد مكون من مكونات المرأة الامازيغية وشكل تعبيري يلاحقها في شتى التظاهرات والاحتفالات، فلا ندري ما مدى مشروعية هذا العنوان وإيحاءاته، وهكذا فإننا نقول إن العنوان خادع ولا يشي بمعنى المسرحية. الخاتمة لعل فكرة الاستبداد السياسي التي عالجتها المسرحية كانت مهمة، كما أن استحضار شخصية من حجم هتلر بشكل ساخر ومؤلم في الوقت نفسه أمر جيد، لا سيما وأنه تم تجريد هذه الشخصية من نمطيتها وتوظيفها في قالب خاص. وهو ما تعارض مع مجموعة من الأعمال المسرحية الامازيغية بالريف المنشغلة بمواضيع تاريخية وتراثية (الهوية- الحرية- مقاومة المحتل- التشبث بالأرض واللغة...) بشكل اجتراري لهذا التراث وليس كوسيلة لطرح قضايا معاصرة، مهملة التفاصيل اليومية، وحياة المواطن البسيط، وباقي التيمات الاجتماعية والعاطفية والإنسانية... لكن ما يُعاب على المسرحية أنها لم تتعامل مع التيمات التي عالجتها بعمق وبأبعاد متعددة، لأنها في أحيان كثيرة سقطت في التقريرية وكوميديا السكيتش والرتابة والإيقاع البطيء من خلال حوارات هامشية مبتذلة. كما أن الرؤية الإخراجية للمسرحية جاءت كسيحة وتقليدية في معماريتها، والحقيقة أننا ألفنا من فرقة "ثفاوين" للمسرح بعناصرها المتميزة عروضا ناضجة تدل على مدى وعيهم بمكونات العرض المسرحي واستيعابهم لمختلف التيارات الحديثة. فالفرق كبير جدا بين مسرحية "امزران" الأماني وبين هذه المسرحية. وهما عملان تابعان للفرقة نفسها وللمخرج نفسه سعيد ضريف. ف"إمزران" عرض ناجح بمختلف المقاييس، وتبدو فيه بصمات واجتهادات المخرج واضحتين متميزتن، في حين أن هذا العرض مازال يحتاج إلى صياغة جديدة تأخذ بعين الاعتبار شمولية الفرجة وانسجام وتفاعل مختلف الأنظمة المشهدية.