لا يختلف اثنان في ما نص عليه الباحث المغربي عبد الفتاح كيليطو في كتابه الرائد المعنون ب :(الأدب والغرابة : دراسات بنيوية في الأدب العربي) خصوصا مقولته الجريئة الناجمة عن قراءة متأنية وفاحصة للسردية العربية وأقصد قولته الشهيرة "كلنا اليوم في العالم العربي سندباد".بيد أنه من الأصح كذلك القول إن الشعر العربي والقديم منه على وجه الخصوص ما يزال ممتدا في راهننا،لأننا حينما نحس بالغربة وهي تكتسحنا نميل إلى العذوبة الكاذبة ،علما أن أعذب الشعر أكذبه، أو بصيغة غير مباشرة أصدقه. إن ديمقراطية التذوق الشعري تجعلنا نعشق مدنا انهارت بإمكاننا إحياؤها كلما قرأنا شعرا أو نثرا. وهذا يزكي بشكل منطقي مقولتنا الداعية إلى كون كل عربي أو مغاربي اليوم إلا ويحمل معالم الآخر،إنك أيها المغربي سلاوي وفلسطيني وعراقي وأندلسي وأمازيغي وشيرازي...الخ فإما أن نكون أو لا نكون ،لأن الانفتاح أو العولمة بشكل أدق تحاصرنا من كل اتجاه ومكان ،فالأولى لنا أن نعتز بهويتنا المشتركة لبناء هوية متعددة الأبعاد،غنية بثقافة وذخائر شعوب المنطقة المنكوبة . وتجدر الإشارة إلى أننا لانريد أن ننتصر لمقولتنا بقدر ما نثمن الفكرة القائلة بامتزاج عوالم الألفة والغرابة في شخصية ليس فقط العربي الأصيل، بل كل من جاور هذا البحر المتوسط الممتد في أعماقنا,لهذا فلا حل لنا سوى اختراق ذواتنا ومساءلتها ثم التفاعل المثمر مع الثقافات المجاورة لنا. إلا أنه مع الأسف الشديد تبقى جملة من الأسئلة تؤرق كل باحث غيور لماذا نرفض كل جديد ؟ ولم نريد دائما أن نلبس (عباءة) الماضي ؟ ألم نولد أصلا لنحيا عصرنا ؟ إنها نفس الأسئلة المشروعة التي تؤرق بال كل الشعراء العالميين والمغاربة خصوصا. إن ثقافة الرفض العربي ثقافة ملغومة وغامضة ينبغي فتح حوار جاد حولها لتحول وجهتها نحو الأصوب ،عسى أن نتقدم نحو الأمام لنلحق بركب الآداب العالمية،وأستطيع القول إن مشكلتنا بالأساس ليست مشكلة إنتاج أو إبداع وإنما مشكلة عقليات ما تزال تحن إلى الغوص في اجترار القديم دون رؤية ثاقبة ,إننا ما نزال في حاجة لمحاورة هذا القديم محاورة تنسجم وروح العصر،تقدر التراث وتنطلق منه لبناء حداثة واعية ومكتملة.