ما إن وطئت رجلاي الصحراء ، حتى تحركت أفاعيها و عقاربها الآدمية!. حرارة لافحة تختزن بين طيات موجاتها سخونة كتل قديمة. كتل داكنة اللون . صخور متصدعة الملامح. ملامح تغيب في بداية شهر الربيع بفعل تشابك جزيئات الغبار مع جزيئات الهواء. ملامح تغيب في فصل الصيف بفعل الحرارة المفرطة. حينما أخذت أتفرس وجه المدينة النائية ، النائمة في الصمت، قصدتني إحدى الحيات ، راكبة سيارة فاخرة!-سألتني : - على سلامتك! -الله ايسلمك . دعتني بتبرم و هي ترسم على وجهها ضحكة صفراء، قلت لن أجدها في الصحراء. قلت في قرارة نفسي : لماذا الخوف ؟ ألست في وطني .أأخاف من عضة أفعى؟ ، أنا الخارج توا من مستشفى العاصمة بصحة متضعضعة لكن بمقاومة كبيرة. أخذت مكاني بجانب الحية. أدارت محرك السيارة. السيارة تتحرك ببطء سلحفاتي. إنني استنطق من طرف حية!...وا عجباه!.الحية كانت ترتدي جلبابا أبيض يشبه جلابيب خذام السلطان.لابسة بلغة صفراء مثل الضحكة بالضبط. لم أعد أتذكر ماذا كانت تضع على رأسها .أعتقد انها لم تكن تضع أي شئء . ما يرجح ذلك حرارة الجو، ورؤيتي لها يوما ذات رأس أصلع القطب، ديناري الجبهة!،لا يهم الطربوش إن كان وطنيا أم وثنيا! ، لايهم، ما يهمني سوى ما تحت الطربوش أو القطب... إنني أستنطق !، كما استنطقت في عدة محطات ... -أأنت رجل تعليم أم صحفي ؟ -أكيد أتيت من الداخل.مرحبا ، مرحبا. بحسن نيتي أجبت: أنا صحفي .صحفي ! مرحبا ، مرحبا .جميل ، أترى معي ، شباب المدينة غارقا في النوم و الكسل . الشباب لا يريد أن يعمل.أنظر هذا ورش بناء. أترى ، سجل ، صور، أين الشباب، الشباب لا يريد أن يعمل. ربع قرن ! من الزمن و أنا على رأس التسيير . ثلاثة منازل فقط هي التي كانت عندما تربعت على كرسي التسيير.أنظر الآن المدينة كبرت . الأزقة و الشوارع أنتشرت . الخضر تأتي من أغادير عبر الشاحنات. كنت في كل مرة أراقب مسجلتي الذاكراتية. كانت تسجل تلك اللحظات بشكل متقطع. ذاك ما اكتشفته عندما عدت الى الفندق . في لحظة وجدت السيارة تركن داخل بلدية المدينة. حيات صغيرة تمشي جيئة و ذهابا في عمل و كأنها خلية نحل!.قالت لي هذا هو جحري .هنا مكتبي ، أترك لي رقم هاتفك النقال ، أكيد سأستقبلك مرة أخرى. نادت الحية الكبرى على حية صغيرة لكنها تبدو داهية. قدمت نفسها لي على أنها مهندسة !، هي الأخرى رئيسة مجلس بلدي. تلعتمت شيئا ما .عدت الى توازني. دعتني الى مكتبها هي الأخرى. كم ثرثت بلغة أعجمية . أعطتني وعدا أنها ستستضيفني لزيارة النقوش الصخرية القديمة المرسومة على جلاميد الصخر الساقطة. تكلمت لي عن مشاريعها ، عن تهيئة الصرف الصحي من طرف شركة إسبانية. شارع واحد هو الذي تمت تهيئته.... مر السلطان. سلمت الحيات على يديه. أخذت لها صورة تذكارية. الصور وضعت بالمكاتب. هطلت الأمطار. ظهرت العيوب... طردت الشركة.الأموال ضاعت... خرجت ليلا لأتأمل نجوم الصحراء. ماذا أرى ؟ أرى الحية الصغيرة الرقطاء، تسير بسيارة نصف مطفأة الأضواء!...